مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٣
إسلام ولا ردة ولا شئ من التصرفات وينتقل فيها ماله لورثته الحاصلين حينئذ لا لمن حدث، ولو مات له قريب لم يرثه.
(ثم) إن (جنى) شخص (آخر) عليه بعد الانتهاء لحركة مذبوح، (فالأول) متهما (قاتل) لأنه صيره إلى حالة الموت، (ويعزر الثاني) منهما لهتكه حرمة الميت كما لو قطع عضوا من ميت. (وإن جنى الثاني) منهما ( قبل الانهاء إليها) أي حركة مذبوح، (فإن ذفف) الثاني (كحز) للرقبة (بعد جرح) سابق من الأول، (فالثاني قاتل) فعليه القصاص، لأن الجرح إنما يقتل بالسراية، وحز الرقبة بقطع أثرها، ولا فرق بين أن يتوقع البرء من الجراحة السابقة أن يتيقن الهلاك بها بعد يوم أو أيام لأن له في الحال حياة مستقرة، وقد عهد عمر رضي الله تعالى عنه في هذه الحالة وعمل بعهده ووصاياه. (وعلى الأول قصاص العضو أو مال بحسب الحال) من عمد أو غيره، (وإلا) أي وإن لم يذفف الثاني أيضا كأن قطع الأول يده من الكوع والثاني من المرفق ومات المجني عليه بسراية القطعين، (فقاتلان) بطريق السراية، ولا يقال إن أثر القطع الثاني أزال أثر القطع الأول. (ولو قتل مريضا في النزع وعيشه عيش مذبوح وجب) بقتله (القصاص) لأنه قد يعيش، فإن موته غير محقق، قال الإمام: ولو انتهى المريض إلى سكرات الموت وبدت مخايله فلا يحكم له بالموت وإن كان يظن أنه في حالة المقدود، وفرقوا بأن انتهاء المريض إلى تلك الحالة غير مقطوع به، وقد يظن ذلك ثم يشفى، بخلاف المقدود ومن في معناه، ولان المريض لم يسبق فيه فعل بحال القتل وأحكامه عليه حتى يهدر الفعل الثاني.
تنبيه: قضية كلام المصنف أن المريض المذكور يصح إسلامه وردته، وليس مرادا بل ما ذكراه هنا من أنه ليس كالميت محمول على أنه ليس كالميت في الجناية وقسمة تركته وتزوج زوجاته، أما في غير ذلك من الأحوال فهو فيه كالميت بقرينة ما ذكراه في الوصية من عدم صحة وصيته وإسلامه وتوبته ونحوها. وحاصله أن من وصل إلى تلك الحالة بجناية فهو كالميت مطلقا، ومن وصل إليها بغير جناية هو كالميت بالنسبة لأقواله وكالحي بالنسبة لغيرها كما جمع به بعض المتأخرين، وهو حسن.
فصل: في أركان القصاص في النفس. وهي ثلاثة: قتل، وشرط فيه ما مر من كونه عمدا ظلما. وقتيل، وقاتل.
وفيما إذا قتل إنسانا يظنه على حال فكان بخلافه. وقد شرع في هذا القسم فقال: (قتل مسلما ظن كفره) كأن رآه يعظم آلهتهم، أو كان عليه زي الكفار (بدار الحرب) أو بصفة المحاربين بدارنا كما سيأتي، (لا قصاص) عليه جزما للعذر الظاهر، إن قتله ذمي لم يستعن به المسلمون لزمه القصاص كما قاله البلقيني، قال: وفي نص الشافعي ما يشهد له.
(وكذا لا دية في الأظهر) لأنه أسقط حرمة نفسه بمقامه في دار الحرب التي هي دار الإباحة وسواء علم في دارهم مسلما أم لا، عين شخصا أم لا. والثاني تجب الدية، لأنها تثبت مع الشبهة. أما الكفارة فتجب جزما لقوله تعالى: * (وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة) فإن من بمعنى في كما نقله الإمام الشافعي وغيره.
تنبيه لا يكفي ظن كفره، بل لا بد من ظن حرابته. أما إذا ظنه ذميا فسيأتي في كلامه أن المذهب وجوب القصاص. واحترز بقوله ظن كفره عما إذا لم يظنه، وفيه تفصيل ذكره الرافعي في الشرحين عن البغوي، وجزم به في الروضة، فقال: إن عرف مكانه وقصده فكقتله بدارنا عمدا، وإن قصد غيره فأصابه فدية مخففة على العاقلة، وإن لم يعرف مكانه ورمى سهما إلى صف الكفار في دار الحرب سواء أعلم أن في الدار مسلما أم لا؟ نظر إن لم يعين شخصا أو عين كافرا فأخطأ وأصاب مسلما فلا قود ولا دية، وكذا لو قتله في بيات أو إغارة ولم يعرفه. وإن عين شخصا فأصابه
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548