مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٩١
ويعرض على القائف، فإن ألحقه بها لحقها، وكذا زوجها على المذهب المنصوص كما قاله الأسنوي خلافا لما جرى عليه ابن المقري، أو بالرجل لحقه وزوجته. فإن لم يقم واحد منهما بينة، فالأصح كما قال الأسنوي أنه ليس ولد الواحدة منها، ولا يسقط حكم قائف بقول قائف آخر. ولو ألحقه قائف بالأشباه الظاهرة وآخر بالأشباه الخفية كالخلق وتشاكل الأعضاء فالثاني أولى من الأول، لأن فيها زيادة حذق وبصيرة. ولو ألحق القائف التوأمين باثنين بأن ألحق أحدهما بأحدهما والآخر بالآخر بطل قوله حتى يمتحن ويغلب على الظن صدقه فيعمل بقوله، كما لو ألحق الواحد باثنين.
ويبطل أيضا قول قائفين اختلفا في الالحاق حتى يمتحنا ويغلب على الظن صدقهما. ويلغو انتساب بالغ أو توأمين إلى اثنين، فإن رجع أحد التوأمين إلى الآخر قبل، ويؤمر البالغ بالانتساب إلى أحدهما، ومتى أمكن كونه منهما عرض على القائف وإن أنكره الآخر أو أنكراه، لأن للولد حقا في النسب فلا يثبت بالانكار من غيره وينفقان عليه إلى أن يعرض على القائف أو ينتسب ويرجع بالنفقة من لم يلحقه الولد على من لحقه إن أنفق بإذن الحاكم ولم يدع الولد ويقبلان له الوصية التي أوصى له بها في مدة التوقف، لأن أحدهما أبوه، ونفقة الحامل على المطلق فيعطيها لها ويرجع بها على الآخر إن ألحق الولد بالآخر. فإن مات الولد قبل العرض على القائف عرض عليه ميتا، لا إن تغير أو دفن. وإن مات مدعيه عرض على القائف مع أبيه أو أخيه ونحوه من سائر العصبة.
كتاب العتق بمعنى الاعتاق، وهو لغة مأخوذ من قولهم: عتق الفرس إذا سبق، وعتق الفرخ إذا طار واستقل، فكأن العبد إذا فك من الرق خلص واستقل. وشرعا: إزالة الرق عن الآدمي. والأصل في الباب قوله تعالى: * (فك رقبة) * وقوله تعالى: * (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه) * أي بالاسلام * (وأنعمت عليه) * أي بالعتق كما قاله المفسرون في غير موضع، * فتحرير رقبة) *. وفي الصحيحين: من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من أعضائه من النار حتى الفرج بالفرج وفي سنن أبي داود أن النبي (ص) قال: من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار. وخصت الرقبة بالذكر في هذين الخبرين لأن ملك السيد الرقيق كالغل في رقبته، فهو محتبس به كما تحبس الدابة بالحبل في عنقها، فإذا أعتقه أطلقه من ذلك الغل الذي كان في رقبته.
فائدة: أعتق النبي (ص) ثلاثا وستين نسمة، وعاش ثلاثا وستين سنة، ونحر بيده في حجة الوداع ثلاثا وستين بدنة، وأعتقت عائشة تسعا وستين وعاشت كذلك، وأعتق أبو بكر كثيرا، وأعتق العباس سبعين، وأعتق عثمان وهو محاصر عشرين، وأعتق حكيم بن حزام مائة مطوقين بالفضة، وأعتق عبد الله بن عمر ألفا، واعتمر ألف عمرة، وحج ستين حجة، وحبس ألف فرس في سبيل الله، وأعتق ذو الكراع الحميري في يوم ثمانية آلاف، وأعتق عبد الرحمن بن عوف ثلاثين ألفا. وروى الحاكم عن سلمة أن النبي (ص) قال: اللهم اسق عبد الرحمن بن عوف من سلسل الجنة رضي الله عنهم وحشرنا معهم آمين. والعتق المنجز من المسلم قربة بالاجماع، أما المعلق ففي الصداق من الرافعي أن التعليق ليس عقد قربة وإنما يقصد به حث أو منع أي أو تحقيق خبر بخلاف التدبير، وكلامه يقتضي أن تعليقه العاري عن قصد ما ذكر كالتدبير وهو كما قال شيخنا ظاهر. وأركانه ثلاثة: معتق وعتيق وصيغة، وقد شرع في الركن الأول فقال: (إنما يصح من) مالك (مطلق التصرف) أهل للتبرع والولاء مختارا من وكيل أولى في كفارة لزمت موليه، فلا يصح من غير مالك بلا إذن ولا من غير مطلق التصرف من صبي ومجنون ومحجور عليه بسفه أو فلس، ولا من مبعض ومكاتب ومكره بغير حق. وتصور
(٤٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548