مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٦٨
من غيره المدعى على بائعه بالثمن، ولو اعترف حالة الخصومة وقال برقه وقال إنه ذكره على وجه الخصومة، أو اعتمد في اعترافه به ظاهر اليد. وخرج بقوله: حر أي بالأصالة كما مر ما لو قال: أعتقتني أو أعتقني الذي باعني منك أو غيره فإنه لا يقبل إلا ببينة، وما لو قال: أنا عبد فلان فالمصدق السيد لاعتراف العبد بالرق، لأنه مال يثبت عليه اليد واليد عليه للسيد فلا تنتقل عنه، بخلافه هنا فإنه لم يعترف بذلك والأصل الحرية. ولو أقام المدعي بينة برقه وأقام هو بينة بأنه حر فالذي جزم به الرافعي في آخر الدعاوى تبعا للبغوي أن بينة الرق أولى لأن معها زيادة علم وهو إثبات الرق، ونقل الهروي وغيره عن الأصحاب أن بينة الحرية أولى. (أو) ادعى (رق صغير ليس في يده لم يقبل) منه (إلا ببينة) لأن الأصل عدم الملك، والظاهر كما قاله الأذرعي أن المجنون البالغ كالصغير. ولو كان الصغير في يد غيره وصدقه صاحب اليد كفى تصديقه مع حلف المدعي. (أو) ادعى رق صغير (في يده حكم له به) بعد حلفه (إن لم يعرف استنادها) أي يد المدعي (إلى التقاط) كما لو ادعى الملك في دابة أو ثوب، وإنما حلف لخطر شأن الحرية، ولا أثر لانكاره إذا بلغ بل يستمر الرق، فإن استندت إلى التقاط لم يقبل إلا بحجة. وهذه المسألة قد ذكرها في اللقيط فهي مكررة، والفرق أن اللقيط محكوم بحريته ظاهرا بخلاف غيره. (فلو أنكر الصغير) الرق (وهو مميز فإنكاره لغو) لأن عبارته ملغاة.
(وقيل) إنكاره (كبالغ) في إنكاره فلا يحكم برقه لمدعيه إلا ببينة، وإن أنكر بعد بلوغه في صورة عدم الاستناد لم يؤثر.
(ولا تسمع دعوى) بحال على من اعترف المدعي بإعساره، ولا دعوى (دين مؤجل) وإن كان به بينة (في الأصح) إذ لا يتعلق بها إلزام ومطالبة في الحال فيفوت نظام الدعوى. والثاني: تسمع مطلقا ليثبت في الحال ويطالب به في الاستقبال، وقد يموت من عليه فتتعجل المطالبة. والثالث: إن كان به بينة سمعت، وإلا فلا.
تنبيه: يستثنى على الأول صور، الأولى: إذا كان بعض الدين حالا وبعضه مؤجلا فإن الدعوى تصح به كما قاله الماوردي، قال: ويدعي بجميعه لاستحقاقه المطالبة بالبعض ويكون المؤجل تبعا. فإن قيل: الدعوى بذلك مشكل، لأن الحال إذا كان قليلا كدرهم من ألف مؤجلة يبعد الاستتباع فيه، وبأنه إذا أطلق الدعوى لم يفد، وإن قال لزمه تسليم الألف إلي لم تصح الدعوى وكان كاذبا، وإن فصل وبين كان ذلك في حكم دعوتين فأين محل الاستتباع؟
أجيب بأن محل الاستتباع عند الاطلاق، ولا يضر كون للكثير تابعا للقليل للحاجة إلى ذلك. الثانية: لو كان المؤجل في عقد كمسلم وقصد بدعواه به تصحيح العقد لأن المقصود منها مستحق في الحال، قاله الماوردي أيضا. الثالثة:
إذا ادعى على القاتل بقتل خطأ أو شبه عمد فإنها تسمع مع أن ذلك إنما يوجب دية مؤجلة، فلو ادعى ذلك على العاقلة لم تسمع جزما، لأنه لم يتحقق لزومه لمن ادعى عليه لجواز موته في أثناء الحول وإعساره آخره، ذكره البلقيني وقال: لم أر من تعرض له.
تتمة: تسمع الدعوى باستيلاد وتدبير وتعلق عتق بصفة ولو قيل العرض على البيع، لأنها حقوق ناجزة وجواب من ادعى دينا مؤجلا ولم يذكر الاجل لا يلزمني تسليمه الآن، ولا يجوز إنكاره استحقاقه في أحد وجهين قال الزركشي إنه المذهب كما حكاه الروياني عن جده. وإن أقر له خصمه بثوب مثلا وادعى تلفه فله تحليفه أنه لا يلزمه تسليمه إليه ثم يقنع منه بالقيمة، وإن نكل حلف لنقر له على بقائه وطالبه به.
فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه: إذا (أصر المدعى عليه على السكوت عن جواب الدعوى) لغير دهشة أو غباوة، (جعل) حكمه (كمنكر) للمدعي به (نأكل) عن اليمين، وحينئذ فترد اليمين على المدعي بعد أن يقول له القاضي: أجب عن دعواه وإلا جعلتك ناكلا. فإن كان سكوته لنحو دهشة أو غباوة شرح له، ثم حكم بعد ذلك عليه. وسكوت الأخرس عن الإشارة المفهمة للجواب كسكوت الناطق، ومن لا إشارة له مفهمة كالغائب
(٤٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548