مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٦٣
المال إلا به أنه لو كان مقرا ممتنعا أو منكرا وله عليه بينة أنه ليس له ذلك، وهو كذلك، فقول الأذرعي: كنت أود أن لو خصص ذلك بما إذا لم يجد سبيلا إلى الاخذ بالحاكم كما في صورة الجحود وعدم البينة، أما إذا كان له بينة ، وقدر على خلاص حقه بحاكم ففيه بعد لأن الاخذ بالحاكم عند المكنة أسهل وأخف كلفة من نقب الجدار وكسر الباب، وقد تقرر أن الصائل يدفع بالأسهل فالأسهل اه‍. لا يحتاج إليه.
فرع: لو غصب منه نجاسة يختص بها كجلد ميتة وسرجين وكلب معلم وجحده، فظاهر كلام الأصحاب أنه لا يكسر بابا ولا ينقب جدارا لأنهم إنما تكلموا في الأموال خاصة، نبه على ذلك الدميري. (ثم المأخوذ من جنسه) إلى الحق (يتملكه) بدلا عن حقه.
تنبيه: التعبير بالتملك وقع في الشرحين والروضة، وهو يقتضي أنه لا يملك بنفس الاخذ، بل لا بد من إحداث تملك.
والذي صرح به القاضي والبغوي واقتضاء كلام غيرهما أنه يملكه بمجرد الاخذ، واعتمده الأسنوي ووجهه بأنه إنما يجوز لمن يقصد أخذ حقه، وإذا وجد القصد مقارنا كفى ولا حاجة إلى اشتراطه بعد ذلك اه‍. وجمع شيخنا بين الكلامين بأن كلام هؤلاء محمول على ما إذا كان المأخوذ على صفة حقه، أي أو دونه كأخذ الدراهم المكسرة عن الصحيحة، وكلام الشيخين على ما إذا كان بغير صفته، أي كأخذ الدراهم الصحاح عن المنكسرة، فإنه حينئذ كغير الجنس، وهو جمع حسن. (و) المأخوذ (من غيره) أي جنس حقه، أي أو أعلى من صفته، (يبيعه) بنفسه مستقلا للحاجة، وله أن يوكل فيه كما ذكره في الروضة في آخر الطلاق. (وقيل: يجب رفعه إلى قاض يبيعه) لأنه لا يتصرف في مال غيره لنفسه.
تنبيه: محل الخلاف ما إذا لم يطلع على الحال، فإن اطلع عليه لم يبعه إلا بإذنه جزما. ومحله أيضا إذا لم يقدر على بينة، وإلا فلا يستقل مع وجودها كما هو قضية كلام أصل الروضة. وبحثه بعضهم، قال: بل هي أولى من علم القاضي لأن الحكم بعلمه مختلف فيه بخلافها. وخص صاحب الذخائر وغيره الخلاف به ببيعه للغير. أما لو أراد بيعه من نفسه، فلا يجوز قطعا، ولأنه لأجل امتناع تولي الطرفين. وهو لا يجوز في غير الأب والجد، ولا يتملكه على الصحيح، لأن امتناع من عليه الحق يسلطه على البيع كما يسلطه على الاخذ، فإذا باعه فليبعه بنقد البلد ثم يشتري به جنس حقه إن لم يكن نقد البلد. (والمأخوذ مضمون عليه) أي الآخذ، (في الأصح، فيضمنه إن تلف قبل تملكه وبيعه) بالأكثر من قيمته من حين أخذه إلى حين تلفه كالغاصب، لأنه أخذه بغير إذن المالك لغرض نفسه، بل أولى من المستام لعدم إذن المالك، ولان المضطر إذا أخذ ثوب غيره لدفع الحر وتلف في يده ضمنه فكذا هنا. والثاني: لا يضمنه من غير تفريط، لأنه أخذه للتوثق، والتوصل إلى الحق كالمرتهن، وإذن الشارع في الاخذ يقوم مقام إذن المالك. وعلى الأول ينبغي أن يبادر إلى بيع ما أخذه بحسب الامكان، فإن قصر فنقصت قيمته ضمن النقصان، ولو انخفضت القيمة وارتفعت وتلف فهي مضمونة عليه بالأكثر.
تنبيه: محل الخلاف كما قاله الماوردي و الروياني إذا تلف قبل التمكن مع البيع، فإن تمكن منه فلم يفعل ضمن قطعا. وقال البلقيني: محله في غير الجنس، أما المأخوذ من الجنس فإنه يضمنه ضمان يد قطعا لحصول ملكه بالأخذ عن حقه كما سبق اه‍. والمصنف أطلق ذلك تبعا للرافعي بناء على وجوب تجديد تملكه، وقد تقدم ما فيه.
ويؤخذ من كونه مضمونا عليه قبل بيعه أنه لو أحدث فيه زيادة قبل البيع كانت على ملك المأخوذ منه، وبه صرح في زيادة الروضة، فإن باع ما أخذه وتملك ثمنه، ثم وفاه المديون دينه رد إليه قيمته كغاصب رد المغصوب إلى المغصوب منه. (ولا يأخذ) المستحق (فوق حقه إن أمكنه الاقتصار) على قدر حقه لحصول المقصود به، فإن أخذه ضمن الزائد لتعديه بأخذه، وإن لم يمكنه بأن لم يظفر إلا بمتاع تزيد قيمته على حقه أخذه، ولا يضمن الزيادة لأنه لم يأخذها
(٤٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548