مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٦٠
أجيب بأن قوله: (سواء رجعن معه أو وحدهن) لأن المال لم يثبت بشهادة النساء المتمحضات وإن كثرن بخلاف الرضاع ينافيه. (وإن رجع ثنتان) منهن فقط (فالأصح لا غرم) عليهما لبقاء الحجة. والثاني: عليهما ربع الغرم، لأنهما ربع البينة.
تنبيه: لو شهد رجلان وامرأة ثم رجعوا، قال القاضي الحسين في كتاب الحدود: لا شئ على المرأة وعلى الرجلين الغرم. وقال هنا: يجب عليها الخمس، وهذا هو الظاهر. (و) الأصح (أن شهود إحصان) إذا رجعوا بعد رجم القاضي الزاني دون شهود الزنا كما صورها في الشرح والروضة، أو معهما كما شمله إطلاق المصنف، فإن الخلاف جار في ذلك.
(أو) شهود (صفة مع شهود تعليق طلاق، أو عتق) على صفة عليها إذا رجعوا بعد نفوذ الطلاق والعتق دون شهود التعليق، (لا يغرمون شيئا) أما شهود الاحصان فلأنهم لم يشهدوا بموجب عقوبة، وإنما وصفوه بصفة كمال، وأما شهود الصفة مع شهود التعليق فلأنهم لم يشهدوا بطلاق ولا عتق، وإنما أثبتوا صفة. والثاني: يغرمون، لأن الرجم يتوقف على ثبوت الزنا والاحصان جميعا، فالقتل لم يستوف إلا بهم، وكذلك الطلاق والعتق وقع بقولهم، قال في المهمات:
وهذا هو المعروف، وقد صححه الماوردي والبندنيجي والجرجاني اه‍. وقال البلقيني: إنه أرجح. فإن قيل: قد مر أن المزكي يغرم، فهلا كان شهود الاحصان والصفة كذلك أجيب بأن المزكي معين للشاهد المتسبب في القتل ومقوله بخلاف الشاهد في الاحصان أو الصفة. وإذا حكم القاضي بشاهدين فبانا مردودي الشهادة فقد سبق أن حكمه يبين بطلانه فتعود المطلقة بشهادتهم زوجة، والمعتقة بها أمة، فإن استوفي بها قتل أو قطع فعلى عاقلة القاضي الضمان. ولو حدا لله تعالى وإن كان مالا تالفا ضمنه المحكوم له، فإن كان معسرا أو غائبا غرم القاضي للمحكوم عليه ورجع به على المحكوم له إذا أيسر أو حضر، ولا غرم على الشهود لأنهم ثابتون على شهادتهم، ولا على المزكين، لأن الحكم غير مبني على شهادتهم مع أنهم تابعون للشهود.
خاتمة: لو شهد اثنان بكتابة رقيق ثم رجعا بعد الحكم وعتق بالأداء ظاهرا هل يغرمان القيمة كلها لأن المؤدى من كسبه وهو لسيده أو نقص النجوم عنها لأنه الفائت؟ وجهان، أشبههما كما قال الزركشي الثاني. أو شهد أنه طلق زوجته، أو أعتق أمته بألف ومهرها أو قيمتها ألفان ثم رجعا بعد الحكم غرما ألفا، وقيل: يغرمون مهر المثل أو القيمة. أو شهدا بإيلاد أو تدبير ثم رجعا بعد الحكم غرما القيمة بعد الموت، لا قبله، لأن الملك إنما يزول بعده.
أو شهدا بتعليق عتق أو طلاق بصفة ثم رجعا بعد الحكم غرما المهر أو القيمة بعد وجود الصفة لا قبله لما مر.
أو شهد أنه تزوج امرأة بألف ودخل بها ثم رجعا بعد الحكم غرما لها ما نقص عن مهر مثلها إن كان الألف دونه كما رجحه ابن المقرى، وقيل: لا يغرمان شيئا، ورجحه الزركشي. ولو شهد اثنان بعقد نكاح في وقت واثنان بالوطئ في وقت بعده واثنان بالتعليق بعد ذلك ورجع كل عما شهد به بعد الحكم غرم من شهد بالعقد والوطئ ما غرمه الزوج بالسوية بينهم نصف بالعقد ونصف بالوطئ، ولا يغرم من شهد بالتعليق شيئا، ولا من أطلق الشهادة بالوطئ. ولو رجع فروع أو أصول عن شهادتهما بعد الحكم بشهادة الفروع غرموا، وإن رجعوا كلهم فالغارم الفرع فقط، لأنهم ينكرون إشهاد الأصول ويقولون كذبنا فيما قلنا والحكم وقع بشهادتهم. ولو شهد أربعة على شخص بأربعمائة فرجع واحد منهم عن مائة وآخر عن مائتين والثالث عن ثلاثمائة والرابع عن أربعمائة، فالرجوع الذي لا يبقى معه حجة عن مائتين دون المائتين الآخرين لبقاء الحجة فيهما، فمائة يغرمها الأربعة باتفاقهم، قال الشيخان: وثلاثة أربعمائة يغرمها غير الأول بالسوية، ولاختصاصهم بالرجوع عنها، والرابع الآخر لا غرم فيه لبقاء ربع الحجة. وقال البلقيني: الصحيح أن الثلاثة إنما يغرمون نصف المائة. وما ذكر إنما يأتي على الضعيف القائل بأن كلا منهم يغرم حصته مما رجع عنه، وما قاله ظاهر وعليه النصف الآخر لأغرم فيه. ويغرم متعمد في شهادة الزور باعترافه إذا لم يقتص منه وإلا دخل التعزير
(٤٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548