مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٠
تنبيه: ذكر المصنف من الحواس أربعة وسكت عن اللمس والكلام والعقل. فأما الأول فلانه إن زال بزوال البطش فقد ذكر، وإن لم يزل لم يتحقق زوال اللمس، وإن فرض تخدير ففيه حكومة. وأما الثاني فقال الإمام : لا يبعد إلحاقه بالبصر. وأما الثالث فلا قصاص فيه للاختلاف في محله فقيل: في القلب. وقيل: في الرأس (و) لا يجب القصاص في الأجسام بالسراية فعلى هذا (لو قطع أصبعا) أو أنملة أو نحو ذلك (فتأكل) أو شل (غيرها) كإصبع أو كف أو أوضحه فذهب شعر رأسه (فلا قصاص في المتأكل) والذاهب بالسراية لعدم تحقق العمدية، بل فيه الدية أو الحكومة في مال الجاني لأنه سراية جناية عمد، وإن جعلناها خطأ في سقوط القصاص، ويطالب بدية المتأكل عقب قطع أصبع الجاني، لأنه وإن سرى القطع إلى الكف لم يسقط باقي الدية، فلا معنى لانتظار السراية، بخلاف ما لو سرت الجناية إلى النفس، فاقتص بالجناية لم يطالب في الحال، فلعل جراحة القصاص تسري فيحصل التقاص ويفارق هذا إذهاب البصر ونحوه من المعاني، فإن ذلك لا يباشر بالجناية بخلاف الإصبع ونحوها من الأجسام فيقصد بمحل البصر مثلا نفسه ولا يقصد بالإصبع غيرها مثلا. فلو اقتص في أصبع من خمسة فسرى لغيرها لم تقع السراية قصاصا بل يجب على الجاني للأصابع الأربع أربعة أخماس الدية، ولا حكومة لمنابت الأصابع بل تدخل في ديتها، ولو ضرب يده فتورمت ثم سقطت بعد أيام وجب القصاص كما حكاه الشيخان في الفروع المنثورة قبيل الديات عن البغوي، وخالف ما نحن فيه لأن الجناية على اليد مقصودة فتأخير السقوط لا يمنع القود.
خاتمة: لو اقتص من الجاني عليه خطأ أو شبه عمد ففي كونه مستوفيا خلاف، والأصح أنه مستوف كما جرى عليه شيخنا في شرح الروض وإن جرى صاحب الحاوي ومن تبعه على عكسه، وإن اقتص من قاتل مورثه وهو صبي أو مجنون لم يكن مستوفيا لعدم أهليته للاستيفاء، فإن قيل: لو أتلف وديعته فإنه يكون مستوفيا لحقه فهلا كان هنا كذلك؟ أجيب بأن الوديعة لو تلفت برئ الوديع، ولو مات للجاني لم يبرأ، وإذا لم يكن مستوفيا فإن الدية تتعلق بتركة الجاني، ويلزمه دية عمد بقتله الجاني لأن عمده عمد، فإن اقتص بإذن الجاني أو تمكينه بأن أخرج إليه طرفه فقطعه فهدر، والطرف كالنفس فيما ذكر.
باب كيفية القصاص بكسر القاف، من القص وهو القطع، وقيل: من قص الأثر: إذا تبعه لأن المقتص يتبع الجاني إلى أن يقتص منه (ومستوفيه والاختلاف) بين الجاني وخصمه (فيه) والعفو عن القصاص والمصالحة عليه، وقد عقد المصنف لكل واحد مما ذكره فصلا غير أنه خالف ترتيب الترجمة لأنه قدم فصل الاختلاف على فصل من يستوفي القصاص.
(لا تقطع يسار) من يد ورجل وأذن وجفن ومنخر (بيمين) لاختلاف المحل والمنفعة، والمقصود من القصاص المساواة، ولا مساواة بينهما.
تنبيه: علم من تمثيله العكس من باب أولى (ولا شفة سفلى بعليا و) لا (عكسه) ولا جفن أعلى بأسفل ولا عكسه لما مر، ولو تراضيا بقطع ذلك لم يقع قصاصا، ولا يجب في المقطوعة بدلا قصاص بل دية، ويسقط قصاص الأولى في الأصح.
تنبيه: قوله: لا تقطع أولى منه لا تؤخذ لشموله للمعاني وفق ء العين ونحوه. (ولا) تقطع (أنملة) بفتح همزتها وضم ميمها في أفصح لغاتها التسع، وهي: فتح الهمزة وضمها وكسرها مع تثليث الميم (بأخرى) ولا سن بأخرى لأنها جوارح مختلفة المنافع والأماكن.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548