مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤١
في البحر: إن الأول غلط لأنها للاستيفاء فيختص بأهله، وعلى هذا لو خرجت لقوي فعجز قبل الاستيفاء أعيدت للباقين.
تنبيه: ظاهر كلامهم في المرأة تخصيصها بالعاجزة، فلو كانت قوية جاز لها الاستيفاء، وبه صرح القاضي.
(ولو بدر) أي أسرع (أحدهم) أي المستحقين للقصاص (فقتله) أي الجاني قبل العفو (فالأظهر) أنه (لا قصاص) عليه، لأن له حقا في قتله فيدفع حقه العقوبة عنه كما إذا وطئ أحد الشريكين الأمة المشتركة لا يلزمه الحد (وللباقين) من المستحقين (قسط الدية) لفوات القصاص بغير اختيارهم (من تركته) أي الجاني، لأن المبادر فيما وراء حقه كالأجنبي. ولو قتله أجنبي أخذ الورثة الدية من تركة الجاني لا من الأجنبي فكذا هنا، ولو ورث الجاني على المبادر قسط ما زاد على قدر حصته من الدية (وفي قول من المبادر) لأنه أتلف ما يستحقه هو وغيره فيلزمه ضمان حق غيره، وفي قول مخرج أنهم بالخيار، ومقابل الأظهر عليه القصاص لأنه استوفى أكثر من حقه فأشبه ما لو استحق طرفا فاستوفى نفسا، وعلى هذا إذا اقتص منه استحق ورثته قسطه من تركة الجاني كالباقين.
تنبيه: محل الخلاف ما إذا علم تحريم القتل ولم يحكم حاكم له بقصاص ولا منع، فإن جهله أو حكم له به حاكم فلا قصاص قطعا، أو حكم حاكم بمنعه من القصاص فعليه القصاص جزما، وفيمن يحمل الدية إذا قتله المبادر جاهلا بالتحريم قولان: أوجههما كما قاله بعض المتأخرين أنها على العاقلة. (وإن بادر بعد عفو غيره) من المستحقين (لزمه القصاص) في الأصح، سواء أعلم بعفو غيره أم لا لارتفاع الشبهة، لأن حقه من القود سقط بعفو غيره. فإن قيل:
الوكيل إذا اقتص جاهلا بالعزل لا قصاص عليه فهلا كان هنا كذلك؟. أجيب بأن الوكيل يجوز له الاقدام بغير إذن ولا يجوز لاحد الورثة الاقدام بعد خروج القرعة إلا بإذن منهم.
تنبيه: بادر: لغة في بدر (وقيل لا) قصاص عليه (إن لم يعلم) بعفو غيره (و) لم (يحكم قاض به) أي بنفي القصاص عن المبادر، وظاهر عبارته اختصاص جريان هذا الوجه بانتفاء العلم والحكم معا وليس مرادا، بل أحدهما كاف إلا أن يحمل على أن الواو في كلامه بمعنى أو فيصح، ويوجه عدم القصاص في نفيهما أو العلم فقط بعدم العلم، وفي نفي الحكم بشبهة اختلاف العلماء، فإن منهم من ذهب إلى أن لكل وارث من الورثة الانفراد باستيفاء القصاص.
تنبيه: أفهم كلامه أن الخلاف وجهان مع أنه قولان كما صوبه الزركشي، وأفهم أيضا لزوم القصاص في صورة الجهل بالعفو، وهو الظاهر وإن لم يصرح فيها في الروضة بتصحيح، وأفهم أيضا لزوم القصاص جزما بعد العلم بالعفو وحكم الحاكم بالسقوط، وبه صرح في الروضة وأصلها، وإذا اقتص منه للجاني فنصيبه لورثته في تركة الجاني، فإن عفا عنه وارث الجاني عمل بمقتضى العفوين من وجوب المال وعدمه (ولا يستوفي قصاص) في نفس أو غيرها (إلا بإذن الإمام) فيه لخطره، ولان وجوبه يفتقر إلى اجتهاد لاختلاف الناس في شرائط الوجوب والاستيفاء.
تنبيه: المراد بالإمام هنا الأعظم أو نائبه، وكذا القاضي كما صرح به الماوردي واقتضاه كلام الرافعي في باب أدب القضاء. فإنه ذكر أن القاضي يستفيد بولايته إقامة الحدود، وظاهر كلام المصنف أنه لا يشترط حضور الإمام، بل يكفي إذنه وهو كذلك، لكن يسن حضوره أو نائبه وحضور شاهدين وأعوان السلطان وأمر المقتص منه بما عليه من صلاة يومه وبالوصية بماله وعليه، وبالتوبة والرفق في سوقه إلى موضع الاستيفاء، وستر عورته وشد عينيه وتركه ممدود العنق وكون السيف صارما إلا إن قتل بكال فيقتص به. ويشترط أن لا يكون السيف مسموما، ويستثنى من اعتبار إذن الإمام صور: إحداها السيد فإنه يستوفي القصاص من رقيقه على الأصح كما اقتضاه كلام الشيخين. ثانيها إذا انفرد بحيث لا يرى كما بحثه ابن عبد السلام، وفي معناه كما قال الزركشي ما إذا كان بمكان لا إمام فيه، ويوافقهما قول الماوردي: أن من وجب له على شخص حد قذف أو تعزير وكان ببادية بعيدة عن السلطان له استيفاؤه إذا قدر
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548