مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٧٠
بواحد فينبغي كما قال الأذرعي أن يلزمهم تكفينه من تركته بثان وثالث، والفساقي المعروفة كبيت معقود حتى إذا لم تكن في حرز ولا لها حافظ لم يقطع بسرقة الكفن منها كما بحثه الأذرعي، فإن اللص لا يلقى عناء في النبش بخلاف القبر المحكم في العادة، وجمع الحجارة على الميت وهو على وجه الأرض عند تعذر الحفر كالدفن للضرورة، بخلاف ما إذا لم يتعذر الحفر والبحر ليس حرزا لكفن الميت المطروح فيه فلا يقطع آخذه، لأنه ظاهر فهو كما لو وضع الميت على شفير القبر فأخذ كفنه، فإن غاص في الماء فلا قطع على آخذه أيضا، لأن طرحه في الماء لا يعد إحرازا كما لو تركه على وجه الأرض وغيبه الريح بالتراب، ولو أخرج الميت مع الكفن ففي القطع وجهان. قال الزركشي: وقضية ما سيأتي من عدم القطع بسرقة الحر العاقل وعليه ثيابه أن يكون هنا كذلك، وإذا أخذ الكفن حينئذ لا قطع لأنه لم يأخذه من حرز. قال الزركشي: ولا بد من كون الميت محترما ليخرج الحربي ولم يذكره اه‍. وهو ظاهر، ولا بد أيضا كما بحثه بعضهم أن يكون القبر محترما ليخرج قبر في أرض منصوبة.
فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه وما يكون حرزا لشخص دون آخر. ولو أخر هذا الفصل إلى قوله: ولا يقطع مختلس كان أولى، لأنه أول الركن الثاني للقطع (يقطع) جزما (مؤجر الحرز) إجارة صحيحة بسرقته منه مال المستأجر الذي وضعه فيه إذ لا شبهة له فيه، لأن المنافع بعقد الإجارة مستحقة للمستأجر والاحراز من المنافع، وهذا بخلاف ما لو وطئ المالك أمته المزوجة فإنه لا يحد لأن الشبهة قائمة في المحل، وبخلاف ما ليس للمستأجر وضعه فيه كأن استأجر أرضا للزراعة فآوى إليه ماشية مثلا، ويؤخذ من هذا أنه لو سرق منها بعد فراغ مدة الإجارة لم يقطع وهو كذلك وإن كان قضية كلام ابن الرفعة أنه يقطع، وبخلاف ما لو كانت الإجارة فاسدة فلا قطع.
تنبيه: يرد على جزم المصنف قطع المؤجر لو ثبت له خيار الفسخ بطريق معتبر بأن ثبت على وجه لا يبطل بالتأجير كما لو بلغه ليلا إفلاس المستأجر فسرق تلك الليلة من الحرز ففيه خلاف المعير لتمكنه من فسخ الإجارة كما أن المعير يتمكن من الرجوع في العارية، قاله البلقيني بحثا. قال: ولم أر من تعرض له. (وكذا) يقطع (معيره) أي الحرز إعارة صحيحة بسرقة مال المستعير الذي له وضعه فيه (في الأصح) لأنه سرق النصاب من حرز محترم، وإنما يجوز له الدخول إذا رجع، والثاني لا يقطع لأن الإعارة لا تلزم، وله الرجوع متى شاء. ويؤخذ من هذا أن محل الخلاف في العارية الجائزة أما الإعارة اللازمة فيقطع فيها قطعا كالمؤجر، ومحله أيضا إذا لم يتقدمه رجوع فإن رجع أولا في العارية بالقول وامتنع المستعير من الرد بعد التمكن فلا قطع قطعا، لأن المستعير حينئذ يتصرف فيه بغير حق فكان كالغاصب وإن سرقه بعد الرجوع قبل إمكان التفريغ فلا قطع، كما لو سرق المشتري مال البائع من الدار المبيعة بعد توفية الثمن وقبل القبض وقبل إمكان التفريغ، أما قبل توفية الثمن فيقطع لأن للبائع قبل تسليمه حق الحبس، فأشبه المستأجر بخلاف ما بعده، وقضيته أنه لو كان الثمن مؤجلا لم يقطع وهو كما قال شيخنا ظاهر. وخرج بالصحيحة الفاسدة فلا قطع فيها لما مر في الإجارة وبماله الذي وضعه فيه ما لو استعار للزراعة فغرس ودخل المستعير فسرق من الغراس لم يقطع على قياس ما مر في صورة الإجارة السابقة.
تنبيه: مثل إعارة الحرز إعارة رقيق لحفظ مال أو رعي غنم ثم سرق مما يحفظه رقيقه، وقد خرج بقول المصنف الحرز ما لو أعاره قميصا فطر المعير جيبه وأخذ المال فإنه يقطع قطعا كما قاله الإمام. قال الأذرعي: ونقب الجدار أي المعار كطر الجيب فيما يظهر. (ولو غصب حرزا لم يقطع مالكه) بسرقة ما أحرزه الغاصب فيه جزما، لأن له الدخول والهجوم عليه فلا يكون محرزا عنه وصاحب المتاع ظالم، وقد قال (ص): ليس لعرق ظالم رق. (وكذا أجنبي) لا يقطع بسرقته منه (في الأصح) لأن الاحراز من المنافع، والغاصب لا يستحقها، والثاني يقطع إذ لا حق للأجنبي
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548