مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥٣
النكاح يصح دون الصداق للجهل بالدية. خاتمة: لو قتل حر عبدا فصالح عن قيمته المعلومة على عين واستحقت أو ردت بعيب أو تلفت قبل القبض رجع السيد بالأرش قطعا، فإن كان الجاني فيما ذكر عبدا فالسيد مختارا للفداء بالصلح وليس بمختار له إن صالح على رقبته واستحقت أو ردت بعيب أو تلفت قبل القبض، ويتعلق الأرش حينئذ بها كما كان حتى لو مات سقط حق المجني عليه، ولو قطع العبد يد الحر فاشتراه بالأرش وهو الواجب لم يصح الشراء للجهل بوصف الإبل، وإن كان الواجب القصاص سقط وإن لم يصح الشراء لأنه اختيار للمال، وإن كان الشراء بغير الأرش لم يسقط كما لو قطعه وهو في ملكه، ولو صالحه عن القصاص على عين فاستحقت، أو ردها بعيب أو تلفت قبل قبضها وجب على السيد الأقل من قيمة العبد وأرش الجناية لاختياره الفداء بالصلح.
كتاب الديات لما فرغ من القصاص عقبه بالدية، لأنها بدل عنه على الصحيح، وجمعها باعتبار الاشخاص، أو باعتبار النفس والأطراف ومفردها دية، وهي المال الواجب بجناية على الحر في نفس أو فيما دونها وأصلها ودية بوزن فعلة، والهاء بدل من فاء الكلمة التي هي واو، إذ أصلها ودية مشتقة من الودي، وهو دفع الدية كالعدة من الوعد، تقول: وديت القتيل أديه وديا ودية: أي أديت ديته. والأصل فيها الكتاب والسنة والاجماع. قال تعالى * (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية) * والأحاديث الصحيحة طافحة بذلك، والاجماع منعقد على وجوبها في الجملة. وتعرض المصنف في آخر هذا الكتاب لبيان الحكومة وضمان الرقيق، وبدأ بالدية لأن الترجمة لها فقال: (في قتل) الذكر (الحر المسلم) المحقون الدم غير جنين انفصل بجناية ميتا والقاتل له لا رق فيه (مائة بعير) لأن الله تعالى أوجب في الآية المذكورة دية، وبينها النبي (ص) في كتاب عمرو بن حزم في قوله في النفس مائة من الإبل رواه النسائي وصححه ابن حبان، ونقل ابن عبد البر وغيره فيه الاجماع وأن أول من سنها مائة عبد المطلب، وقيل أبو سيارة الذي أجار الحجاج أربعين سنة في الجاهلية من المزدلفة إلى منى وجاءت الشريعة مقررة لها. والبعير يطلق على الذكر والأنثى كما مر في باب الوصية، ولا تختلف الدية بالفضائل والرذائل وإن اختلفت بالأديان والذكورة والأنوثة بخلاف الجناية على الرقيق فإن فيه القيمة المختلفة. أما إذا كان غير محقون الدم كتارك الصلاة كسلا والزاني المحصن إذا قتل كلا منهما مسلم فلا دية فيه ولا كفارة وإن كان القاتل رقيقا لغير المقتول ولو مكاتبا وأم ولد فالواجب أقل الأمرين من الحصة من الدية والحصة من القيمة، وقد يعرض للدية ما يغلظها، وهو أحد أسباب خمسة: كون القتل عمدا، أو شبه عمد، أو في الحرم، أو الأشهر الحرم، أو لذي رحم محرم، وقد يعرض لها ما ينقصها، وهو أحد أسباب أربعة: الأنوثة، والرق، وقتل الجنين، والكفر. فالأول يردها إلى الشطر، والثاني إلى القيمة، والثالث إلى الغرة، والرابع إلى الثلث أو أقل كما سيأتي بيان ذلك، وكون الثاني أنقص جرى على الغالب وإلا فقد تزيد القيمة على الدية.
وقد بدأ بالقسم الأول بقوله: (مثلثة في) قتل (العمد) سواء أوجب فيه قصاص وعفى عنه أم لا كقتل الوالد ولده، والمراد بتثليثها جعلها ثلاثة أقسام وإن كان بعضها أزيد من بعض كما بين ذلك بقوله: (ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة أي حاملا) لخبر الترمذي بذلك، فهي مغلظة من ثلاثة أوجه: كونها على الجاني، وحالة، ومن
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548