مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٩٥
التسعة (الباقين الباقي) من ديته، وهو تسعة أعشارها على كل منهم عشرها لأنه مات بفعله وفعلهم فسقط ما قابل فعله لأنه غير مضمون.
تنبيه: صورة المسألة فيمن مد معهم الحبال ورمى بالحجر، أما من أمسك خشبة المنجنيق إن احتيج إلى ذلك أو وضع الحجر في الكفة ولم يمد الحبال فلا شئ عليه لأنه متسبب والمباشر غيره، قاله الماوردي والمتولي وغيرهما.
واستثنى البلقيني من الوجوب على العاقلة ما لو حصل ذلك بأمر صنعه رفقاؤه وقصدوا الرفيق المذكور لسقوطه عليه وغلبت إصابته فهو عمد لا تحمله العاقلة بل هو في أموالهم ولا قصاص عليهم لأنهم شركاء مخطئ قال: ولم ينبه عليه أحد وكأنهم تركوه لأنه لا يتصور عندهم ونحن صورناه فلا خلاف بيننا وبينهم (أو) قتل حجر المنجنيق (غيرهم) أي الرماة (ولم يقصدوه) أي الغير (فخطأ) قتله يوجب الدية المخففة على العاقلة (أو قصدوه فعمد في الأصح) قتله يوجب القصاص عليهم: أي الدية المغلظة في مالهم (إن غلبت الإصابة) منهم لانطباقه حينئذ على حد العمد.
والثاني شبه عمد لأنه لا يتحقق قصد معين بالمنجنيق، والأول يمنع هذا، واحترز المصنف بقوله: إن غلبت الإصابة عما إذا لم تغلب إصابتهم بأن غلب عدمها أو استوى الأمران فإنه شبه عمد.
تتمة: لو قصدوا غير معين كأحد الجماعة كان شبه عمد، وإنما لم يكن عمدا، لأن العمد يعتمد قصد العين بدليل أنه لا قصاص على الآمر في قوله: اقتل أحد هؤلاء وإلا قتلتك فقتل أحدهم لأنه لم يقصد عينه.
فصل: في العاقلة وكيفية تأجيل ما تحمله، وأشار إلى ذلك بقوله: (دية الخطأ وشبه العمد) في الأطراف ونحوها، وكذا في نفس غير القاتل نفسه، وكذا الحكومات والغرة (تلزم العاقلة) لا الجاني كما مر أول كتاب الديات، وذكرها هنا توطئة لما بعده، وشبه العمد من زيادة الكتاب على المحرر، فإنه ذكر الخطأ فقط، ولو عكس كان أولى.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن الوجوب لا يلاقي الجاني أولا بل يلاقي العاقلة ابتداء، والأصح المنصوص أنه يلاقيه ابتداء ثم يتحملونها إعانة له كقضاء دين من غرم لاصلاح ذات البين. قال العلماء: وتغريم غير الجاني خارج عن القياس، لكن الجاهلية كانوا يمنعون من جنى منهم من أولياء القتيل أن يدنو منه ويأخذوا بثأرهم، فجعل الشارع بدل تلك النصرة بذل المال، وخص ذلك بالخطأ وشبه العمد لكثرتهما، سيما في حق من يتعاطى حمل السلاح فأعين كيلا يفتقر بالسبب الذي هو معذور فيه، وإنما يلزمهم ذلك إذا كانت بينة بالخطأ أو شبه العمد أو اعترف به فصدقوه وإن كذبوه لم يقبل إقراره عليهم، لكن يحلفون على نفي العلم، فإذا حلفوا وجب على المقر، وهذا حينئذ مستثنى من كلام المصنف ولا يقبل إقراره على بيت المال. أما إذا قتل نفسه، فالمشهور أنه لا يجب على العاقلة شئ، هذا كله إذا كان القاتل حرا، فإن كان مبعضا وقتل خطأ تحملت العاقلة نصف الدية كما ذكره الرافعي في آخر الباب عن فتاوى البغوي، وشبه العمد كالخطأ في ذلك. وجهات تحمل الدية ثلاثة: قرابة وولاء وبيت مال لا غيرها كزوجية ومحالفة وقرابة ليست بعصبة، ولا العديد الذي لا عشيرة له فيدخل نفسه في قبيلة ليعد منها. وقد ذكر المصنف جهات التحمل على هذا الترتيب، وقد شرع في أولها بقوله: (وهم عصبته) أي الجاني الذين يرثونه بالنسب أو الولاء إذا كانوا ذكورا مكلفين لما في خبر المرأتين السابق أوائل كتاب الديات في رواية، وأن العقل على عصباتها. قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: ولا أعلم مخالفا أن العاقلة العصبة، وهم القرابة من قبل الأب. قال: ولا أعلم مخالفا في أن المرأة والصبي وإن أيسرا لا يحملان شيئا، وكذا المعتوه عندي اه‍. ثم استثنى المصنف من العصبة أصل الجاني وفرعه فقال : (إلا الأصل) من أب وإن علا (و) إلا (الفرع) من ابن وإن سفل لأنهم أبعاضه، فكما لا يتحمل الجاني لا يتحمل أبعاضه، وروى النسائي لا يؤخذ الرجل بجريرة أي جريمة ابنه وفي رواية لأبي داود في خبر المرأتين السابق:
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548