مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٩٠
أو أحدهما منكبا والآخر مستلقيا اتفق المركوبان كفرسين أو لا كفرس وبعير وبغل اتفق سيرهما أو اختلف كأن أحدهما يعدو والآخر يمشي على هينته (وإن قصدا) جميعا الاصطدام (فنصفها مغلظة) على عاقلة كل منهما لورثة الآخر، أما كونها نصف دية فلما مر، وأما كونها مغلظة على العاقلة فلان القتل حينئذ شبه عمد لأن الغالب أن الاصطدام لا يفضي إلى الموت فلا يتحقق فيه العمد المحض ولذلك لا يتعلق به القصاص إذا مات أحدهما دون الآخر (أو) قصد (أحدهما) الاصطدام دون الآخر وماتا (فلكل) منهما (حكمه) من التخفيف والتغليظ.
تنبيه: محل ذلك ما إذا لم تكن إحدى الدابتين ضعيفة بحيث يقطع بأنه لا أثر لحركتها، فإن كانت كذلك لم يتعلق بحركتها حكم كغرز الإبرة في جلدة العقب مع الجراحات العظيمة، نقله في الروضة عن الإمام وأقره، وجزم به ابن عبد السلام ولا ينافيه قول الشافعي رضي الله تعالى عنه: سواء أكان أحد الراكبين على فيل والآخر على كبش لأنا لا نقطع بأنه لا أثر لحركة الكبش مع حركة الفيل، ومثل ذلك يأتي في الماشيين كما قاله ابن الرفعة وغيره (والصحيح أن على كل) منهما في تركته (كفارتين) إحداهما لقتل نفسه والأخرى لقتل صاحبه لاشتراكهما في إهلاك نفسين بناء على أن الكفارة لا تتجزأ وأن قاتل نفسه عليه كفارة وهو الأظهر. والثاني على كل كفارة بناء على أنها تتجزأ وإن ماتا مع مركوبيهما فكذلك الحكم دية وكفارة (و) يزاد على ذلك أن (في تركة كل) منهما (نصف قيمة دابة الآخر) أي مركوبه لاشتراكهما في الاتلاف مع هدر فعل كل منهما في حق نفسه، وقد يجئ التقاص في ذلك ولا يجئ في الدية إلا أن يكون عاقلة كل منهما ورثته وعدمت الإبل.
تنبيه: هذا إذا كانت الدابتان لهما، فإن كانتا لغيرهما كالمعارتين والمستأجرتين لم يهدر منهما شئ، لأن المعار ونحوه مضمون، وكذا المستأجر ونحوه إذا أتلفه ذو اليد، وقد أشار المصنف إلى هذا في السفينتين حيث قال: إن كانتا لهما ولا فرق بين الدابتين والسفينتين، وكان ينبغي تقييد المقدم وإطلاق المؤخر ليحمل عليه. أما غير الحرين الكاملين فسيأتي حكمهما على الأثر.
فروع: لو كان مع كل من المصطدمين بيضة، وهي ما تجعل على الرأس فكسرت، ففي البحر أن الشافعي رضي الله تعالى عنه قال: على كل منهما نصف قيمة بيضة الآخر، ولو تجاذبا حبلا لهما أو لغيرهما فانقطع وسقطا وماتا فعلى عاقلة كل منهما نصف دية الآخر وهدر الباقي، لأن كل منهما مات بفعله وفعل الآخر سواء أسقطا منكبين أم مستلقيين، أم أحدهما منكبا والآخر مستلقيا، فإن قطعه غيرهما فماتا فديتهما على عاقلته، لأنه القاتل لهما، وإن مات أحدهما بإرخاء الآخر الحبل فنصف ديته على عاقلته وهدر الباقي، لأنه مات بفعلهما، وإن كان الحبل لأحدهما والآخر ظالم فالظالم هدر وعلى عاقلته نصف دية المالك، ولو كان شخص يمشي فوقع مداسه على مؤخر مداس غيره وتمزق لزمه نصف الضمان، لأنه تمزق بفعله وفعل صاحبه (وصبيان أو مجنونان) أو صبي ومجنون في اصطدامهما (ككاملين) فيما سبق فيهما ومنه التغليظ بناء على أن عمدهما عمد، وهو الأصح إن كانا مميزين، هذا إن ركبا بأنفسهما، وكذا إن أركبهما وليهما لمصلحتهما وكانا ممن يضبط المركوب (وقيل) ونص عليه في الام (إن أركبهما الولي تعلق به الضمان) لما فيه من الخطر، وجوازه مشروط بسلامة العاقبة، والأصح المنع كما لو ركبا بأنفسهما.
تنبيه: لأن الخلاف كما نقلاه عن الإمام وأقراه إذا أركبهما لزينة أو لحاجة غير مهمة، فإن أرهقت إلى إركابهما حاجة كنقلهما من مكان إلى مكان فلا ضمان عليه قطعا قالا ومحله أيضا عند ظن السلامة، فإن أركبهما الولي دابة شرسة جموحا ضمن الولي لتعديه. قال الأذرعي: ومحله أيضا فيمن يستمسك على الدابة، فلو أركبه دابة هادية وهو لا يستمسك عليها تعلق به الضمان. قال ابن الرفعة: ويستثنى من عدم تضمين الولي ما إذا كانا غير مميزين كابن
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548