مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٧٩
وبقي الأثر بعد الاندمال وجبت الحكومة، والعظم المكسور في غير الرأس والوجه إذا انجبر ولم يبق فيه أثر اعتبر أقرب نقص إلى الاندمال كما مر، وإن بقي أثر وهو الغالب وجبت الحكومة، ولو انجبر معوجا فكسره الجاني ليستقيم وليس له كسره لذلك حكومة أخرى، لأنه جناية جديدة. وفي إفساد منبت الشعور حكومة إذا كان فيه جمال كشعر اللحية وشعر الرأس. أما ما الجمال في إزالته كشعر الإبط فلا حكومة فيه في الأصح وإن كان التعزير واجبا للتعدي كما قاله الماوردي وإن كان ظاهر كلام ابن المقري فيه وجوب الحكومة أيضا. أما إذا لم يفسد منبتها فإنه لا حكومة فيها لأنها تعود غالبا. وضابط ما يوجب الحكومة وما لا يوجبها إن بقي أثر الجناية من ضعف أو شين أوجب الحكومة وكذا إن لم يبق على الأصح بأن يعتبر أقرب نقص إلى الاندمال كما مر. وإن كانت الجناية بغير جرح ولا كسر كإزالة الشعور واللطمة فلا حكومة فيه وفيه التعزير كما علم مما مر. ثم عقب المصنف الحكومة ببيان حكم الجناية على الرقيق لاشتراكهما في أمر تقديري وإن كان استوفى الكلام على ضمان الرقيق وغيره من الحيوان في كتاب الغصب بأبسط مما هنا، إلا أنه أعاد الكلام فيه هنا ليبين أن الجناية عليه تارة تكون بإثبات اليد عليه كما سبق في الغصب وتارة بغير ذلك كما هنا فقال: (و) تجب (في) الجناية على (نفس الرقيق) المعصوم ذكرا كان أو أنثى ولو مدبرا أو مكاتبا أو أم ولد (قيمته) بالغة ما بلغت سواء أكانت الجناية عمدا أم خطأ وإن زادت على دية الحر كسائر الأموال المتلفة، ولا يدخل في قيمته التغليظ. أما المرتد فلا ضمان في إتلافه. قال في البيان: وليس لناشئ يصح بيعه ولا يجب في إتلافه شئ سواه (و) يجب (في) إتلاف (غيرها) أي نفس الرقيق من أطرافه ولطائفة (ما نقص من قيمته) سليما (إن لم يتقدر) ذلك الغير (في الحر) ولم تبع مقدرا ولا يبلغ بالحكومة قيمة جملة الرقيق المجني عليه أو قيمة عضوه على ما سبق في الحر. (وإلا) بأن قدرت في الحر كموضحة وقطع عضو (فنسبته) أي فيجب مثل نسبته من الدية (من قيمته) أي الرقيق لأنا نشبه الحر بالرقيق في الحكومة ليعرف قدر التفاوت ليرجع به، ففي المشبه به أولى، ولأنه أشبه الحر في أكثر الأحكام بدليل التكليف فألحقناه في التقادير، ففي قطع يده نصف قيمته، وفي يديه قيمته، وفي أصبعه عشرها، وفي موضحته نصف عشرها، وعلى هذا القياس.
تنبيه: قوله: وإلا فنسبته من قيمته، محله في جناية واحدة أو جنايتين بعد اندمال الأولى، فإن لم تندمل الأولى كما لو قطع يد عبد قيمته ألف درهم فصار يساوي ثمان مائة درهم فإنا نغرمه على الأظهر خمسمائة درهم لأنها نصف القيمة، فإذا قطع آخر يده الأخرى قبل الاندمال ولم يمت منهما لا نغرمه أربعمائة بل نصف ما أوجبناه على الأول وهو مائتان وخمسون، لأن الجناية الأولى لم تستقر حتى يضبط النقصان، وقد أوجبنا بها نصف القيمة، فكأنه أنقص نصفها، لأنه قبل الاندمال لا يقوم فيؤخذ منه نصف ما بقي، وتظهر فائدة ذلك فيما لو جنى عليه بحز رقبته (وفي قول) نسبة المصنف في الغصب القديم: يجب (ما نقص) من قيمته، لأنه مملوك كالبهيمة. ثم فرع على القولين معا قوله: (ولو قطع ذكره وأنثياه) ونحوهما مما يجب للحر فيه ديتان (ففي الأظهر) يجب بقطعهما (قيمتان) كما يجب فيهما من الحر ديتان (و) في (الثاني) يجب (ما نقص) من قيمته كالبهيمة (فإن لم ينقص) عنها أو زاد عليها لرغبة فيه بكونه خصيا (فلا شئ) يجب بقطعهما على هذا القول لعدم النقص، وقد اختلف فيه أهو قديم أم مخرج؟
وعلى هذا فالأولى التعبير بالمذهب أو النص أو الجديد.
خاتمة: قال الماوردي: من نصفه حر يجب في طرفه نصف دية طوف الحر، ونصف ما في طرف العبد ففي يده ربع الدية وربع القيمة، وفي أصبعه نصف عشر الدية ونصف عشر القيمة، وعلى هذا القياس فيما زاد من الحرية أو نقص.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548