مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٥٦
قال الزركشي تفقها: إلا إن ثبت أنه أشهده فلا ينقض. واستثنى الشيخان بحثا من الاعذار ما يعم الأصل والفرع كالمطر والوحل الشديد فلا تسمع معه شهادة الفرع. قال الأسنوي أخذا من كلام ابن الرفعة: وهذا باطل، فإن مشاركة غيره له لا تخرجه عن كونه عذرا في حقه، فلو تجشم المشقة وحضر وأدى قبلت شهادته اه‍. وقد يجاب عن كلامهما بأن المراد من لا تسمع شهادة الفرع منه، أي لا تلزمه، فمن تجشم المشقة منهما وحضر وأدى قبلت، فإن الشيخين لا يمنعان ذلك، وحيث أمكن حمل العبارة على معنى صحيح ولو مع العبد كان أولى من حمله على كونه باطلا خصوصا من عظمت مرتبته في العلم. (و) يشترط (أن يسمي الأصول) وإن كانوا عدولا، ليعرف القاضي عدالتهم ويتمكن الخصم من الجرح إن عرفه.
تنبيه: شمل إطلاق المصنف ما لو كان الأصل قاضيا، كما لو قال: أشهدني قاض من قضاء مصر أو القاضي الذي بها ولم يسمه وليس بها سواه على نفسه في مجلس حكمه. قال الأذرعي: والصواب في وقتنا وجوب تعيين القاضي أيضا لما لا يخفى. (ولا يشترط) في شهادة الأصول (أن يزكيهم الفروع) بل لهم إطلاق الشهادة والقاضي يبحث عن عدالة الأصول، ولا يلزم الفرع أن يتعرض في شهادته لصدق أصله لأنه لا يعرف، بخلاف ما إذا حلف المدعي مع شاهده حيث يتعرض لصدقه لأنه يعرف. (فإن زكوهم) وهم أهل للتعديل غير متهمين، (قبل) ذلك منهم. فإن قيل: لو شهد اثنان في واقعة وزكى أحدهما الآخر فإنه لا يثبت عدالة الثاني، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن تزكية الفروع للأصول من تتمة شهادتهم، ولذلك شرط بعضهم التعرض لها، وهناك قام الشاهد المزكي بأحدى شطري الشهادة فلا يصح قيامه بالثاني. (ولو شهدوا) أي الفروع (على شهادة عدلين أو عدول) يذكرونهم (ولم يسموهم، لم يجز) أي لم يكف لأن القاضي قد يعرف جرحهم لو سموهم، ولأنه يسد باب الجرح على الخصم. فإن قيل: كان ينبغي ذكر هذه المسألة عقب قوله: وأن يسمي الأصول. أجيب بأنه إنما أخرها ليفيد أن تزكية الفروع للأصول وإن جازت فلا بد من تعيينهم بالاسم ولو قدمه لم يكن صريحا في ذلك.
تتمة: لو اجتمع أصل وفرعا أصل آخر قدم عليهما في الشهادة كما لو كان معه ماء لا يكفيه يستعمله ثم يتيمم، قاله صاحب الاستقصاء.
فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم: إذا (رجعوا عن الشهادة) أو توقفوا فيها بعد الأداء و (قبل الحكم امتنع) الحكم بشهادتهم وإن أعادوها، سواء كانت في عقوبة أم في غيرها، لأن الحاكم لا يدري أصدقوا في الأول أو في الثاني فينتفي ظن الصدق. وأيضا فإن كذبهم ثابت لا محالة إما في الشهادة أو الرجوع، ولا يجوز الحكم بشهادة الكذاب، ولا يفسقون برجوعهم إلا إن قالوا تعمدنا شهادة الزور فيفسقون. ولو رجعوا عن شهادتهم في زنا حدوا حد القذف وإن قالوا غلطنا لما فيه من التعبير وكان حقهم التثبت وكما لو رجعوا عنها بعد الحكم. والمراد بالرجوع التصريح به فيقول: رجعت عن شهادتي، فلو قال: أبطلت شهادتي أو فسختها أو رددتها، فهل يكون الحكم كذلك فيما قبله؟ ولو قالوا للحاكم بعد شهادتهم: توقف عن الحكم، ثم قالوا له: احكم فنحن على شهادتنا حكم، لأنه لم يتحقق رجوعهم ولا بطلت أهليتهم. وإن شك فقد زال ولا يحتاج إلى إعادة الشهادة منهم، لأنها صدرت من أهل جازم والتوقف الطارئ قد زال. (أو) رجعوا (بعده) أي الحكم، (وقيل استيفاء مال) في شهادة به أو عقد ولو نكاحا نفذ الحكم به، و (استوفي) المال، لأن القضاء قد تم، وليس هذا ما يسقط بالشبهة حتى يتأثر بالرجوع. وأما الفسوخ فتستمر على إمضائها. (أو) رجعوا بعد الحكم وقبل استيفاء (عقوبة) في شهادة بها، سواء أكانت لله تعالى أم
(٤٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548