مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٤٥
في نصيبه وكذب الآخر شارك المكذب المصدق، فخرج بعضهم منه قولا هنا أن ما يأخذه الحالف يشارك فيه من لم يحلف لأن الإرث يثبت على الشيوع، وقطع الجمهور بالمنصوص هنا، وفرقوا بأن الثبوت هنا بشاهد ويمين، فلو أثبتنا الشركة لملكنا الشخص بيمين غيره وهناك الثبوت بإقرار المدعى عليه، ثم ترتب عليه إقرار المصدق بأنه إرث، وبأن الممتنع هنا قادر على الوصول إلى حقه بيمينه، فحيث لم يفعل صار كالتارك لحقه.
تنبيه: كلام المصنف يشعر بأن بعض الورثة يحلف على حصته من المال، وليس مرادا، بل يحلف على الجميع كما في أصل الروضة عن أبي الفرج، ثم قال: وفي كلام غيره إشعار بخلافه. (ويبطل حق من لم يحلف بنكوله) عن اليمين مع الشاهد، (إن حضر) في البلد بحيث يمكن تحليفه (وهو كامل) ببلوغ وعقل، حتى لو مات بعد نكوله لم يكن لوارثه أن يحلف مع ذلك الشاهد ولا مع شاهد آخر يقيمه. وهل له ضم شاهده إلى الأول ليحكم له بالبينة؟ فيه احتمالان للإمام جاريان فيما لو أقام مدع شاهدا معه في خصومة ثم مات وأقام وارثه شاهدا آخر يجوز أن يقال له البناء، ويجوز أن يقال عليه تجديد الدعوى وإقامة البينة الأولى؟ وقضية كلام الإمام الجزم بالأول. أما إذا مات قبل نكوله فلوارثه الحلف، قال الماوردي والإمام: إن لم يصدر من مورثه ما يبطل حقه ولا يجب إعادة الشهادة. (فإن كان) من لم يحلف (غائبا أو صبيا أو مجنونا فالمذهب أنه لا يقبض نصيبه) لأن الشافعي رضي الله تعالى عنه نص في المجنون على أنه يوقف نصيبه، وفي معناه الصبي والغائب. واختلف الأصحاب في معنى النص، فقال جمهورهم: أراد التوقف عن الحكم له إلى إفاقته فيحلف ويأخذ أو يمتنع فلا يعطى شيئا، وعلى هذا فلا ينزع من يد المدعى عليه. وقيل: أراد أنه يأخذ نصيبه من المدعى عليه ويوقف الدفع إليه على حلفه. (فإذا زال عذره) بأن حضر الغائب وبلغ الصبي وأفاق المجنون، (حلف وأخذ) حصته (بغير إعادة شهادة) واستئناف دعوى، لأن الدعوى والشاهد للميت قد وجدا بإقامة الكامل من الورثة خلافة عن الميت. وهذا بخلاف ما لو كانت الدعوى لا عن جهة الإرث، كما لو ادعى أنه أوصى له ولأخيه الغائب أو الصبي أو المجنون أو اشتريت أنا وأخي الغائب منك كذا وأقام شاهدا وحلف معه فإنه لا بد هناك من تجديد الدعوى والشهادة إذا بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو قدم الغائب، ولا يؤخذ نصيب الصبي أو المجنون أو الغائب قطعا، لأن الدعوى في الميراث عن الميت وهو واحد، والوارث خليفته وفي غيره الحق لاشخاص، فلا يدعي ويقيم البينة لهم من غير إذن ولا ولاية. قالا: وينبغي أن يكون الحاضر الكامل الذي لم يشرع في الخصومة أو لم يشعر بالحال كالصبي ونحوه في بقاء حقه، بخلاف ما مر في الكامل.
تنبيه: محل ما ذكره المصنف من عدم الإعادة إذا لم يتغير حال الشاهد بما يقتضي رد شهادته، فإن تغير فوجهان، أوجههما كما رجحه الأذرعي المنع، لأن الحكم قد اتصل بشهادته دون الحالف. ومحل موضع عدم الحاجة إلى إعادة الشهادة في حالتي تغير الشاهد وعدمه كما قاله الزركشي: فيما إذا كان الأول قد ادعى بجميع الحق، أما لو كان قد ادعى بحصته فقط فلا بد من الإعادة. ثم شرع في بيان مستند علم الشاهد من البناء على اليقين والعلم، فقال: (ولا تجوز شهادة على فعل كزنا) وشرب خمر (وغصب وإتلاف وولادة) ورضاع واصطياد وإحياء وكون اليد على مال، (إلا بالابصار) له مع فاعله، لأنه يصل به إلى العلم واليقين فلا يكفي فيه السماع من الغير، قال تعالى: * (ولا تقف ما ليس لك به علم) *، وقال (ص): على مثلها فاشهد. إلا أن من الحقوق ما اكتفى فيه بالظن المؤكد لتعذر اليقين فيه وتدعو الحاجة إلى إثباته، كالملك فإنه لا سبيل إلى معرفته يقينا، وكذلك العدالة والاعسار.
تنبيه: أورد البلقيني صورا يقبل فيها شهادة الأعمى على الفعل، الأولى: الزنا، إذا وضع يده على ذكر داخل في فرج امرأة أو دبر صبي مثلا فأمسكهما ولزمهما حتى شهد عند الحاكم بما عرفه بمقتضى وضع اليد فهذا أبلغ من
(٤٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548