مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤١٨
لا بأس بها، وقول المحكوم عليه الموكل في الخصومة: كنت عزلت وكيلي قبل قيام البينة لا يبطل الحكم، لأن القضاء على الغائب جائز، بخلاف المحكوم له إذا قال ذلك يبطل الحكم لأن القضاء للغائب باطل. وليس لمن تحمل شهادة بكتاب حكمي أرسله به القاضي الكاتب إلى قاضي بلد الغائب وخرج به أن يتخلف في الطريق عن القاضي المقصود إلا إن أشهد على شهادته بأن أشهد على نفسه شاهدين يحضران بالكتاب ويشهدان به عند القاضي المقصود أو شهد به عند قاض فيضمنه ويكتب به للقاضي المقصود، فإن لم يجد قاضيا ولا شهودا وطلب أجرة لخروجه إلى القاضي المقصود لم يعط غير النفقة وكراء الدابة، بخلاف سؤاله الأجرة قبل الخروج من بلد القاضي الكاتب فيعطاها، وإن زادت على ما ذكر فإنه لا يكلف الخروج والقناعة بذلك، لأن القاضي يتمكن من إشهاد غيره، وهنا التحمل مضطر إليه. وإن استوفى المكتوب إليه الحق من الخصم وسأله الخصم الاشهاد على المدعي بذلك لزمه إجابته، ولا يلزمه أن يكتب له كتابا، لأن الحاكم إنما يطالب بإلزام ما حكم به وثبت عنده، ولا أن يعطيه الكتاب الذي ثبت به الحق كما لا يلزم من استوفى من غريمه ماله عليه بحجة أو من باع غيره شيئا له به حجة أن يعطيه الحجة لأنها غالبا تكون ملكه، ولأنه قد يظهر استحقاقه فيحتاج إليها. وللقاضي إقراض مال للغائب من ثقة ليحفظه في الذمة، وله بيع حيوانه لخوف هلاكه ونحوه كغصبه، وله إجارته إن أمن عليه لأن المنافع تفوت بمضي الوقت. وإذا باع شيئا للمصلحة أو أجره بأجرة مثله ثم قدم الغائب فليس له الفسخ كالصبي إذا بلغ، ولان ما فعله القاضي كان بنيابة شرعية. ومال من لا ترجى معرفته للقاضي بيعه وصرف ثمنه في المصالح وله حفظه، قال الأذرعي: والأحوط في هذه الاعصار صرفه في المصالح لا حفظه لأنه يعرضه للنهب ومد أيدي الظلمة إليه.
باب القسمة بكسر القاف، وهي تمييز بعض الانصباء من بعض. والقسام الذي يقسم الأشياء بين الناس، قال لبيد:
فارض بما قسم المليك فإنما قسم المعيشة بيننا قسامها ووجه ذكرها في خلال القضاء أن القاضي لا يستغني عن القسامة للحاجة إلى قسمة المشتركات، بل القاسم كالحاكم فحسن الكلام في القسمة مع الأقضية. والأصل فيها قبل الاجماع قوله تعالى: * (وإذا حضر القسمة) * الآية، وخبر: الشفعة فيما لم يقسم، وكان (ص) يقسم الغنائم بين أربابها رواهما الشيخان. والحاجة داعية إليها ليتمكن كل واحد من الشركاء من التصرف في ملكه على الكمال ويتخلص من سوء المشاركة واختلاف الأيدي. (قد يقسم) المشترك (الشركاء) بأنفسهم لأن الحق لهم، (أو) يقسمه (منصوبهم) أي وكيلهم، (أو منصوب الإمام) أو هو نفسه أو المحكم، لحصول المقصود بكل من ذلك.
تنبيه: لو وكل بعضهم واحدا منهم أن يقسم عليه، قال في الاستقصاء: إن وكله على أن يفرز لكل منهم نصيبه لم يجز، لأن على الوكيل أن يحتاط لموكله، وفي هذا لا يمكنه لأنه يحتاط لنفسه، وإن وكله على أن يكون نصيب الوكيل والموكل جزءا واحدا جاز لأنه يحتاط لنفسه ولموكله، وإن وكل جميع الشركاء أحدهم أن يقسم عنهم ويرى فيما يأخذه بالقسمة لكل واحد منهم رأيه لم يجز، ولا يجوز حتى يوكل كل واحد منهم وكيلا عن نفسه على الانفراد. (وشرط منصوبه) أي الإمام، (ذكر حر عدل) لأنه يلزم كالحاكم من حيث أن الحاكم ينظر في الحجة ويجتهد، ثم يلزم بالحكم كذلك القسام أيضا مساحة وتقديرا، ثم يلزم بالافراز لأن ذلك ولاية ومن لا يتصف بما ذكر ليس من أهل الولايات.
تنبيه: اعتبر في المحرر التكليف، وحذفه المصنف لدخوله في العدالة كدخول الاسلام فيها. ولو قال بدل عدل
(٤١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548