مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤١٧
تنبيه: ظاهر كلامه كالروضة وأصلها أنه لا فرق بين أن يكون على مسافة قريبة أو بعيدة، وليس مرادا، بل محل ذلك إذا كان فوق مسافة العدوي لما مر أن الكتاب بسماع البينة لا يقبل في مسافة العدوي. (أو لا نائب) له هناك، (فالأصح يحضره من مسافة العدوي فقط) لكن بعد تحير الدعوى وصحة سماعها. (وهي التي يرجع منها مبكر) إلى موضعه (ليلا) سميت بذلك لأن القاضي يعدي لمن طلب خصما منها لاحضار خصمه، أي يقويه أو يعينه. والثاني: إن كان دون مسافة القصر أحضره وإلا فلا، لأن ما دون مسافة القصر حكم الحاضر في مسائل كثيرة.
والثالث: يحضره وإن بعدت المسافة، وهذا ما اقتضى كلام الروضة وأصلها ترجيحه وعليه العراقيون، ورجحه ابن المقري، لأن عمر رضي الله عنه استدعى المغيرة بن شعبة في قضية من البصرة إلى المدينة، ولئلا يتخذ السفر طريقا لابطال الحقوق، ومع هذا فالأوجه ما في المتن، وليس في قضية عمر رضي الله تعالى عنه أنه أحضره بغير اختياره، ولما في ذلك من المشقة في إحضاره، ويبعث القاضي إلى بلد المطلوب.
تنبيه: محل إحضاره إذا لم يكن هناك نائب وما لم يكن هناك من يتوسط ويصلح بينهما، فإن كان لم يحضره بل يكتب إليه أن يتوسط ويصلح بينهما. واشترط ابن الرفعة وابن يونس فيه أهلية القضاء، ولم يشترطه الشيخان.
وقال الشيخ عماد الدين الحسباني: يتجه أن يقال إن كانت القضية مما تنفصل بصلح فيكفي وجود متوسط مطاع يصلح بينهما، وإن كانت لا تنفصل بصلح فلا بد من صالح للقضاء في تلك الواقعة ليفوض إليه الفصل بينهما بصلح أو غيره اه‍. وهذا لا بأس به. وقول المصنف: ليلا يتناول أول الليل ووسطه وآخره. قال في المهمات: وليس كذلك بل الضابط أن يرجع قبل الليل، كذا ذكره الأصحاب، وكا هو في أصل الروضة في النكاح في سوالب الولاية اه‍.
ثم استثنى المصنف في المعنى من قولهم: لا تسمع البينة على حاضر قوله: (و) الأصح (أن المخدرة) الحاضرة (لا تحضر) للدعوى، بضم أوله وفتح ثالثه مضارع أحضر: أي لا تكلف الحضور للدعوى عليها صرفا للمشقة عنها كالمريض، لأنه (ص) قال: اغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها فلم يطلبها لكونها مخدرة، ورجم الغامدية ظاهرا لكونها برزة. كذا استدل به، ونظر فيه. ولا تكلف أيضا الحضور للتحليف إن لم يكن في اليمين تغليظ بالمكان، فإن كان أحضرت على الأصح في الروضة في الباب الثالث من الدعاوى، بل توكل أو يبعث القاضي إليها نائبه فتجيب من وراء الستر إن اعترف الخصم أنها هي، أو شهد اثنان من محارمها أنها هي، وإلا تلفعت بنحو ملحفة وخرجت من الستر إلى مجلس الحكم، وعند الحلف تحلف في مكانها. (وهي) أي المخدرة (من لا يكثر خروجها لحاجات) متكررة كشراء خبز وأقط وبيع غزل ونحوها بأن لم تخرج أصلا إلا لضرورة أو لم تخرج إلا قليلا لحاجة كزيارة وحمام وعزاء.
والوجه الثاني: أنها تحضر كغيرها، وبه جزم القفال في فتاويه، وغير المخدرة وهي البرزة - بفتح الباء الموحدة - يحضرها القاضي، لكن يبعث إليها محرما لها أو نسوة ثقات لتخرج معهم بشرط أمن الطريق كما جرى عليه ابن المقري وصاحب الأنوار.
تنبيه: لو كانت بزرة ثم لزمت التخدر قال القاضي الحسين في فتاويه: حكمها حكم الفاسق يتوب، فلا بد من مضي سنة في قول، أو ستة أشهر في قول اه‍. وفرق الأذرعي بين المخدرة برفعة بعلها وغيرها، قال ابن شهبة:
وهو المتجه، قال: وليس للتخدير أصل في الشرع اه‍. ولو اختلفا في التخدير ففي فتاوى القاضي أن عليها البينة.
وقال الماوردي والروياني: إن كانت من قوم الأغلب من حال نسائهم التخدير صدقت بيمينها، وإلا صدق بيمينه، أي حيث لا بينة لهما، وهذا أولى.
خاتمة في مسائل منثورة مهمة: للقاضي أن يشهد في محل ولايته على كتاب حكم كتبه في غير محل ولايته، وليس له أن يشهد في غير محل ولايته على كتاب حكم كتبه في محل ولايته، والحكم كالاشهاد بخلاف الكتابة
(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548