مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٣
القصاص عليهم بغير اختيارهم ولو قتلوه كلهم أساءوا ووقع القتل موزعا عليهم ورجع كل منهم بالباقي له من الدية، فلو كانوا ثلاثة أخذ كل واحد منهم ثلث حقه وله ثلثا الدية، ولو قتله أجنبي وعفا الوارث على مال اختص بالدية ولي القتيل الأول، وهل المراد دية القتيل أو القاتل، وحكى المتولي فيه وجهين: وفائدتهما فيما لو اختلف قدر الديتين، فعلى الثاني لو كان القتيل رجلا والقاتل امرأة وجب خمسون من الإبل، وفي العكس مائة، والأوجه الوجه الأول كما دل عليه كلامهم في باب العفو عن القود.
فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت بعصمة أو حرية أو إهدار أو بقدر المضمون به إذا (جرح) مسلم أو ذمي (حربيا أو مرتدا) وزاد على المحرر (أو عبد نفسه فأسلم) الحربي أو المرتد أو أمن الحربي (وعتق) العبد (ثم مات بالجرح) أي بسرايته (فلا ضمان) بمال ولا قصاص، لأن الجرح السابق غير مضمون (وقيل تجب دية) مخففة اعتبارا بحال استقرار الجناية، والمراد دية حر مسلم كما سيأتي في المسألة عقبها.
قاعدة: كل جرح أوله غير مضمون لا ينقلب مضمونا بتغير الحال في الانتهاء، وإن كان مضمونا في أوله فقط فالنفس هدر، ويجب ضمان تلك الجناية، وإن كان مضمونا في الحالين اعتبر في قدر الضمان الانتهاء، ويعتبر في القصاص المكافأة من الفعل إلى الانتهاء. (و) حينئذ (لو رماهما) أي نوع الكافر بصفتين من حرابة وردة ونوع عبد نفسه (فأسلم) الحربي أو المرتد أو أمن الحربي (وعتق) العبد ثم أصابه السهم (فلا قصاص) قطعا لعدم المكافأة في أول أجزاء الجناية (والمذهب وجوب دية مسلم) اعتبارا بحال الإصابة لأنها حال اتصال الجناية والرمي كالمقدمة التي يتسبب بها إلى الجنابة كما لو حفرا بئرا عدوانا وهناك حربي أو مرتد فأسلم ثم وقع فيها فإنه يضمنه، وإن كان السبب مهدرا، وقيل: لا يجب اعتبارا بحال الرمي وهو مذهب أبي حنيفة فإنه الداخل تحت الاختيار، والخلاف مرتب في الشرح على الخلاف فيما إذا أسلم وعتق بعد الجرح وأولى منه بالوجوب، وكان تعبير المصنف فيه بالمذهب لذلك وعبد نفسه أولى بالضمان لأنه معصوم مضمون بالكفارة، وسكت عنه لأنه زاده على المحرر كما مر، فكان ينبغي أن يقول مسلم أو حر وأن يقول رماهم ليعود للثلاثة قبله، وكان يستغنى عن التأويل والتقدير السابقين، والأصح وجوب الدية (مخففة) مضروبة (على العاقلة) لأنها دية خطأ كما رمى إلى صيد فأصاب آدميا، وهذا ما جزم به في المحرر، وقيل: دية شبه عمد، وقيل: عمد، وعكس هذا وهو لو جرح حربي مسلما ثم أسلم الجارح أو عقدت له ذمة، ثم مات المجروح فلا ضمان على الصحيح في زيادة الروضة (ولو ارتد) المسلم (المجروح ومات بالسراية) مرتدا وجارحه غير مرتد (فالنفس هدر) لا قود فيها ولا دية ولا كفارة، سواء أكان الجارح الإمام أم غيره، ولأنه لو قتل حينئذ مباشرة لم يجب فيه شئ فكذا بالسراية، أما إذا كان جارحه مرتدا فإنه يجب عليه القصاص كما مر (و) لكن (يجب قصاص الجرح) إن كان مما يوجب القصاص كالموضحة وقطع الطرف (في الأظهر) لأن القصاص في الطرف منفرد عن القصاص في النفس فهو كما لو لم يسر، والثاني المنع لأن الجراحة صارت نفسا مهدرة، فكذا الطرف واحترز بالسراية عما لو قطع يد مسلم فارتد واندملت يده فله القصاص، وإن مات قبل استيفائه (يستوفيه قريبه المسلم) لأن القصاص للتشفي حتى لو كان القريب ناقصا انتظروا كماله ليستوفي.
تنبيه: لو عبر بالوارث أو لا الردة بدل القريب الشامل لغير الوارث لكان أولى (وقيل) ونسبه ابن كج وغيره للأكثر يستوفيه (الإمام) لأن المرتد لا وارث له فيستوفيه الإمام كما يستوفي قصاص من لا وارث له،
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548