مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٧
يقتضي القصاص فيها، وعلى هذا فلا يحتاج إلى استيفائها (ولو أوضح في باقي البدن) كأن كشف عظم الصدر أو العتق أو الساعد أو الأصابع (أو قطع بعض مارن) وهو بكسر الراء: ما لأن من الانف (أو) قطع بعض (أذن) أو شفة ولسان أو حشفة (ولم يبنه وجب القصاص في الأصح) وفي الروضة كأصلها الأظهر. أما في الايضاح فلقوله تعالى * (والجروح قصاص) * ولما مر في الموضحة، ووجه عدم الوجوب فيه القياس على الأرش فإنه لا أرش فيه مقدر، ونقضه الأول بالإصبع الزائدة فإنه يقتص بمثلها ولا أرش لها مقدر وكذا الساعد بلا كف واليد الشلاء، وهذا عكس الجائفة فإن لها أرشا مقدرا ولا قصاص فيها. وأما في القطع فلتيسر اعتبار المماثلة، وبقدر المقطوع بالجزئية كالثلث والربع، ويستوفي من الجاني مثله لا بالمساحة لأن الأطراف المذكورة تختلف كبرا وصغرا بخلاف الموضحة كما سيأتي.
ووجه عدم الوجوب فيما ذكر القياس على المتلاحمة.
تنبيه: اقتصار المصنف على بعض المارن والاذن يقتضي انتفاء القصاص في بعض الكوع ومفصل الساق من القدم إذا لم يبنه وهو الأظهر لعدم تحقق المماثلة في قطعه، لكن يرد عليه بعض الشفة واللسان والحشفة فإن إبانتها كبعض الاذن كما قدرته في كلامه، وقد يفهم كلامه أنه إذا أبان ما ذكر لا يكون كذلك، وليس مرادا، بل الصحيح الوجوب. وقد يفهم أيضا طرد الخلاف فيما إذا بقي المقطوع معلقا بجلدة فقط، والمجزوم في الروضة وأصلها أنه يجب القصاص أو كمال الدية لأنه أبطل فائدة العضو، ثم إذا انتهى القطع في القصاص إلى تلك الجلدة حصل القصاص، ثم يراجع أهل الخبرة في تلك الجلدة ويفعل فيها المصلحة من قطع أو ترك. قال في الروضة: ولا قصاص في إطار شفة بكسر الهمزة وتخفيف المهملة، وهو المحيط بها، إذ ليس له حد مقدر اه‍. وهذا هو المعتمد كما جرى عليه ابن المقري وإن قال الأسنوي: أنه غلط، وصوابه هنا السه بمهملة بعدها هاء بلا فاء، وهو حلقة الدبر لأن المحيط بها لا حد له. قال: وهي كذلك في نسخ الرافعي الصحيحة اه‍. وعلى الأول هما مسألتان لا قصاص في كل منهما. (ويجب) القصاص (في القطع من مفصل) لانضباطه، وهو بفتح ميمه وكسر صاده: واحد مفاصل الأعضاء موضع اتصال عضو بآخر على مقطع عظمين برباطات واصلة بينهما، إما مع دخول أحدهما في الآخر كالركبة أولا كالكوع (حتى في أصل فخذ) وهو ما فوق الورك (ومنكب) وهو مجمع ما بين العضد والكتف (إن أمكن) القصاص فيهما (بلا إجافة) وهي جرح ينفذ إلى جوف كما سيأتي لامكان المماثلة (وإلا) أي وإن لم يمكن إلا بها (فلا) يجب القصاص (على الصحيح) سواء أجافه الجاني أم لا، لأن الجوائف لا تنضبط ضيقا وسعة وتأثيرا ونكاية، ولذلك امتنع القصاص فيها، والثاني يجب إن أجافه الجاني، وقال أهل النظر: يمكن أن يقطع ويجاف مثل تلك الجائفة لأن الجائفة هنا نابعة.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم يمت بالقطع، فإن مات به قطع الجاني وإن لم يمكن بلا إجافة كما سيأتي إيضاحه (ويجب) القصاص (في فق ء عين) أي تعويرها بعين مهملة (وقطع أذن وجفن) وهو بفتح الجيم، وحكي كسرها:
غطاء العين من فوق ومن أسفل (ومارن) وتقدم ضبطه (وشفة) بفتح الشين سفلى أو عليا وأصلها شفهة بدليل جمعها على شفاه (ولسان) ويذكر ويؤنث (وذكر وأنثيين) وإن لم يكن لها مفاصل، لأن لها نهايات مضبوطة فألحقت بالمفاصل.
تنبيه: شمل إطلاقه وجوب القصاص بقطع الاذن ما لوردها في حرارة الدم والتصقت، وهو كذلك لأن الحكم متعلق بالإبانة وقد وجدت، والمراد بالأنثيين البيضتان. وأما الخصيتان فالجلدتان اللتان فيهما البيضتان قاله ابن السكيت (وكذا أليان) بهمزة مفتوحة ومثناة تحتية تثنية ألية، وفي لغة قليلة أليتان بزيادة التاء المثناة من فوق، وهم اللحمان الناتئان بين الظهر والفخذ (وشفران) وهما بضم الشين المعجمة تثنية شفر، وهو حرف الفرج: اللحم
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548