مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٠٧
، ويقبل فيها شهادة النساء لأن الاسقاط ولادة، وإن أقر بالجناية والاسقاط وأنكر كون الاسقاط بسبب جناية نظر إن أسقطت عقب الجناية فهي المصدقة باليمين لأن الجناية سبب ظاهر، وإن أسقطت بعد مدة من وقت الجناية صدق بيمينه لأن الظاهر معه إلا أن تقوم بينة أنها لم تزل متألمة حتى أسقطت، ولا يقبل هنا إلا رجلان، وضبط المتولي المدة المتخللة بما يزول فيها ألم الجناية وأثرها غالبا، وإن اتفقا على سقوطه بجناية وقال الجاني: سقط ميتا، فالواجب الغرة وقال الوارث: بل حيا ثم مات فالواجب الدية، فعلى الوارث البينة بما يدعيه من استهلاك وغيره، ويقبل فيه شهادة النساء لأن الاستهلال لا يطلع عليه غالبا إلا النساء، ولو أقام كل بينة بما يدعيه فبينة الوارث أولى لأن معها زيادة علم.
فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته (يجب بالقتل) عمدا كان أو شبهه أو خطأ كما سيأتي (كفارة) لقوله تعالى: * (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة) * وقوله تعالى: * (فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة) *. وقوله تعالى: * (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة) * وخبر: وائلة بن الأسقع قال: أتينا النبي (ص) في صاحب لنا قد استوجب النار بالقتل. فقال: أعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار رواه أبو داود وصححه الحاكم وغيره. وخرج بالقتل الأطراف والجروح فلا كفارة فيها لعدم وروده، ولا يشترط في وجوب الكفارة تكليف بل تجب (وإن كان القاتل صبيا أو مجنونا) لأن الكفارة من باب الضمان فتجب في مالهما فيعتق الولي عنهما من مالهما ولا يصوم عنهما بحال. فإن صام الصبي المميز أجزأه. وألحق الشيخان به المجنون في هذا، وهو محمول على أن صومه لا يبطل بطريان جنونه، وإلا لم تتصور المسألة، ولو أعتق الولي عنهما من مال نفسه، فإن كان أبا أو جدا جاز وكأنه ملكه ثم ناب عنهما في الاعتاق. وإن كان قيما أو وصيا لم يجز حتى يقبل القاضي لهما التمليك كما في الروضة وأصلها هنا عن البغوي . وقالا في باب الصداق: لو لزم الصبي الكفارة قتل لم يجز لوليه أن يعتق عنه من ماله ولا من مال نفسه لأنه يتضمن دخوله في ملكه وإعتاقه عنه. ولا يجوز إعتاق عبد الطفل. وكلام المتولي يقتضي أن المراد عتق التبرع. وعلى هذا فلا مخالفة بين كلامي الروضة كأصلها.
تنبيه: سكت المصنف كالروضة وأصلها عن حكم السفيه، وذكرا في باب الحجر أنه في كفارة اليمين لا يكفر بالعتق بل بالصوم كالعبد، وقد يوهم أن غيرها من الكفارات كذلك، لكن صرح الصيمري بوجوب كفارة القتل في ماله وهو القياس، وتجب الكفارة أيضا، ولا يشترط في وجوبها الحرية، بل تجب (و) إن كان القاتل (عبدا) كما يتعلق بقتله القصاص والضمان، لكن يكفر بالصوم لعدم ملكه (وذميا) لالتزامه الأحكام، ولا فرق بين أن يقتل مسلما، وقلنا ينتقض عهده أولا (أو ذميا) ويتصور إعتاقه عبدا مسلما في صور: منها أن يسلم في ملكه أو يرثه أو يقول لمسلم: أعتق عبدك عن كفارتي فإنه يصح على الأصح، وإن لم يتيسر له إعتاق عبد مسلم قال القاضي الحسين: لا يكفر بالصوم لأنه ليس من أهله ولا يشترط في وجوبها الخطأ بل تجب (و) إن كان القاتل (عامدا) لحديث وائلة المار أول الفصل، فإن فيه في صاحب لنا استوجب النار، ولا يستوجب النار إلا في العمد ولان الكفارة للجبر والعامد أحوج إليها، ومثله شبه العمد ولو قال المصنف: عامدا أو لا دخل شبه العمد، واختار ابن المنذر أنها لا تجب في العمد. وهو قول أبي حنيفة ومالك وإحدى الروايتين عن أحمد لأنها عقوبة لا يدخلها قياس (و) أما إذا كان (مخطئا) فبالاجماع، وللآية السابقة.
تنبيه: قضية إطلاقه أن من قتل شخصا بإذنه تجب عليه الكفارة، وهو الأصح وإن اقتضى كلامه في باب القصاص عدم الوجوب لقوله: هدر، ويستثنى من إطلاقه الجلاد القاتل بأمر الإمام إذا جرى على يده قتل غير مستحق وهو جاهل به فإنه لا كفارة عليه كما جزم به في الروضة وأصلها في مسألة الاستيفاء من الحائل، لأنه سيف الإمام وآلة سياسته (و) لا يشترط في وجوبها المباشرة بل تجب، وإن كان القاتل (متسببا) كالمكره والآمر به
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548