مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٠٥
الغرة بقوله (مميز) فلا يلزمه قبول غيره، لأن الغرة هي الخيار كما مر، وغير المميز ليس من الخيار لأنه يحتاج إلى من يكفله، ولفظ الجنين وإن كان يشمل المميز وغيره يجوز أن يستنبط من النص معنى يخصه، لأن المقصود بالغرة جبر الخلل ولا جبر مع عدم التمييز.
تنبيه: قضية كلامه اعتبار التمييز من غير نظر إلى السن، حتى لو ميز قبل السبع أجزأ، وليس مرادا، بل لا بد من هذا السن كما قاله البلقيني. قال وقد نص عليه في الام (سليم من عيب مبيع) لأن المعيب ليس من الخيار. فإن قيل قد اكتفى في الكفارة بالمعيب إذا كان العيب لا يخل بالعمل، فهلا كان هنا كذلك؟ أجيب بأن الكفارة حق لله تعالى والغرة حق لآدمي، وحقوق الله تعالى مبنية على المساهلة، فإن رضي المستحق بالمعيب جاز لأن الحق له.
تنبيه: أفهم كلامه قبول الكافر، لكن في الشرح والروضة أنه لا يجبر على قبول خصي وخنثى وكافر، وجمع بينهما بأن ما في الشرح والروضة محمول بقرينة ما مر في البيع على كافر ببلد نقل فيه الرغبة أو على مرتد أو كافرة يمتنع وطؤها لتمجس ونحوه. وما هنا على غير ذلك، وأفهم امتناع الحامل لجزمهم في كتاب البيع بأنه عيب في الجواري، وبه صرح صاحب المعتمد، فقال: لا يلزمه قبول حامل ولا موطوءة لم يتحقق عدم حملها، وما ذكره من عدم قبول الموطوءة التي لم يتحقق عدم حملها ممنوع، فقد قال في البحر بقبولها هنا بخلاف الزكاة، لأن الغالب من الدواب الحمل بخلاف بنات آدم (والأصح قبول) رقيق (كبير) من عبد أو أمة (لم يعجز بهرم) لأنه من الخيار ما لم تقص منافعه، والثاني لا يقبل بعد عشرين سنة عبدا كان أو أمة، لأن ثمنه ينقص حينئذ، والثالث لا يقبل بعدها في الأمة وبعد خمس عشرة سنة في العبد، وضعف الوجهان بأن نقصان الثمن يقابله زيادة المنفعة. أما العاجز بالهرم فلا يقبل لعدم استقلاله وضبطه سليم في المجرد بأن يبلغ إلى حد يصير في معنى الطفل الذي لا يستقل بنفسه. (ويشترط) في الغرة (بلوغها) في القيمة (نصف عشر دية) من الأب المسلم وهو عشر دية الام المسلمة، ففي الحر المسلم رقيق قيمته خمسة أبعرة كما روي عن عمر وعلي وزيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهم. قال الماوردي: ولم يخالفهم فيه أحد فكان إجماعا ولأنها دية فكانت مقدرة كسائر الديات، ولان الجنين على أقل أحوال الانسان، فاعتبر فيه أقل ما قدره الشرع من الديات وهو دية الموضحة والسن (فإن فقدت) تلك الغرة حسا بأن لم توجد، أو شرعا بأن وجدت بأكثر من ثمن مثلها (فخمسة أبعرة) بدلا عنها لأنها مقدرة بها عند وجودها فعند عدمها يؤخذ ما كانت مقدرة به، ولان الإبل هي الأصل في الديات فوجب الرجوع إليها عند فقد المنصوص عليه، فإن فقدت الإبل وجب قيمتها كما في فقد إبل الدية، فإن فقد بعضها وجبت قيمته مع الموجود (وقيل لا يشترط) بلوغها ما ذكر: بل متى وجدت سليمة مميزة وجب قبولها وإن قلت قيمتها لاطلاق لفظ العبد والأمة في الخبر، وعلى هذا الوجه المعبر عنه في الروضة بالقول (فللفقد قيمتها) أي الغرة بالغة ما بلغت كما لو غصب عبدا فمات.
تنبيه: الاعتياض عن الغرة لا يصح كالاعتياض عن الدية (وهي) أي الغرة (لورثة الجنين) على فرائض الله تعالى لأنها دية نفس، ويقدر انفصاله حيا ثم موته (و) هي أي واجبة (على عاقلة الجاني) لحديث أبي هريرة المار (وقيل إن تعمد) الجناية بأن قصدها بما يلقي غالبا (فعليه) وهذا قد يفهم أن الجناية قد تكون عمدا محضا، ومع ذلك يجب على العاقلة في الأصح، وليس مرادا بل الخلاف مبني على تصور العمد في الجناية على الجنين والمذهب أنه لا يتصور، وإنما يكون خطأ أو شبه عمد، سواء أكانت الجناية على أمه خطأ أو عمدا أم شبه عمد، لأنه لا يتحقق وجوده وحياته حتى يقصد، بل قيل إنه لا يتصور فيه شبه العمد أيضا وهو قوي ولكن المنقول خلافه، لأن حد شبه
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548