مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٩٤
لم أر فيه شيئا، وقضية إطلاقهم عدم الفرق، لكنهم في مواضع فرقوا بينهما كما تقدم اه‍. والفرق أوجه وسيأتي ما يؤيده.
ولو ألقى صاحب المتاع متاعه عند خوف الهلاك بلا استدعاء لم يرجع على الركبان بشئ، وإن كان في حالة يجب فيها الالقاء. (وإنما يضمن ملتمس) من مالكه طرح متاعه (لخوف غرق) للسفينة ففي حالة الامن لا ضمان سواء أقال وعلي ضمانه أم لا. كما لو قال له: أهدم دارك أو أحرق متاعك ففعل ولو لم يوجد الخوف ولكنه متوقع. قال الزركشي: ينبغي تخريج خلاف فيه من تنزيل المتوقع منزلة الواقع اه‍. والظاهر عدم الضمان، ثم أشار المصنف رحمه الله تعالى لشرط الضمان بقوله: (ولم يختص نفع الالقاء بالملقى) وهو مالك المتاع بأن كان معه في السفينة المشرفة على الغرق وغيره، وهذا صادق بست صور: الأولى أن يختص النفع بالملتمس. الثانية أن يعود له ولمالك المتاع. الثالثة أن يختص بغيرهما. الرابعة أن يختص بمالك المتاع وأجنبي. الخامسة أن يعود للملتمس وأجنبي. السادسة أن يعم الثلاثة، وفي جميعها يضمن الملتمس ولم يصرحا في الشرح والروضة بالثانية ولا السادسة، أما إذا اختص نفع الالقاء بالملقى وحده بأن أشرفت سفينته على الغرق وفيها متاعه، فقال له آخر من الشط: ألق متاعك وعلي ضمانه فألقاه لم يجب شئ لأنه يجب عليه الالقاء لحفظ نفسه فلا يستحق به عوضا، كما لو قال للمضطر: كل طعامك وأنا ضامن له فأكله فلا شئ له على الملتمس.
فروع: لو قال شخص لآخر: ألق متاعك في البحر وأنا ضامن له وركاب السفينة أو على أني أضمنه أنا وركابها أو أنا ضامن له وهم ضامنون، أو أنا وركاب السفينة ضامنون له كل منا على الكمال، أو على أني ضامن، وكل منهم ضامن لزمه الجميع لأنه التزمه، أو قال: أنا وركاب السفينة ضامنون له لزمه قسطه، وإن لم يقل معه كل منا بالحصة، وإن أراد الاخبار عن ضمان سبق منهم فصدقوه فيه لزمهم، وإن أنكروا صدقوا، وإن صدقه بعضهم فلكل حكمه، وإن قال: أنشأت عنهم الضمان ثقة برضاهم لم يلزمهم وإن رضوا، لأن العقود لا توقف، وإن قال: أنا وهم ضمناء وضمنت عنهم بإذنهم طولب بالجميع، فإن أنكروا الاذن فهم المصدقون حتى لا يرجع عليهم، وإن قال: أنا وهم ضامنون له وأصححه وأخلصه من مالهم أو من مالي لزمه الجميع كما لو قال اختلعها على ألف أصححها لك وأضمنها لك من مالها تلزمه الألف، وإن قال: علي نصف الضمان وعلى فلان ثلثه وعلى فلان سدسه لزمه النصف فقط لأنه الذي التزمه، وإن قال: أنا وهم ضامنون له ثم باشر الالقاء بإذن المالك ضمن الجميع في أحد وجهين، حكاه الرافعي عن القاضي أبي حامد، وقال الأذرعي إنه نص الام، وقيل بالقسط عملا بقضية اللفظ، ولو قال شخص لعمرو: ألق متاع زيد وعلي ضمانه ففعل ضمن عمرو دون الآخر لأنه المباشر للاتلاف.
تنبيه: سكت المصنف عن المضمون أهو المثل ولو صورة كالقرض أو المثل في المثلي والقيمة في المتقوم أو القيمة مطلقا؟ وتعتبر قيمة الملقى حيث أوجبناه قبيل هيجان البحر إذا لا قيمة له حينئذ ولا تجعل قيمته في البحر مع الخطر كقيمته في البر، وظاهر كلامهم الأخير، وإن كان الملقى مثليا ورجحه البلقيني لما في إيجاب المثل من الاجحاف، وعلله البلقيني بأنه لا مثل لمشرف على الهلاك إلا مشرف على هلاك وذلك بعيد، وجزم في الكفاية بالوسط ورجحه الأذرعي وهو كما قال شيخي أوجه من كلام البلقيني خلافا لبعض المتأخرين، نعم إن كان المأمور أعجميا يعتقد وجوب طاعة آمره ضمن الآمر، وهذا هو الذي يؤيد ما تقدم ولو لفظ البحر المتاع الملقى فيه على الساحل فظفرنا به أخذه المالك واسترد الضامن منه عين ما أعطى إن كان باقيا وبدله إن كان تالفا ما سوى الأرش الحاصل بالغرق فلا يسترده كما صرح به الأسنوي، وقال الأذرعي إنه واضح. (ولو عاد) أي رجع (حجر منجنيق) وهو بفتح الميم والجيم في الأشهر فارسي معرب يذكر ويؤنث: آلة ترمى بها الحجارة، وحكي كسر الميم ومنجنوق بالواو ومنجليق باللام، واختلفوا في زيادة ميمه ونونه، فذهب سيبويه إلى أن ميمه أصلية ونونه زائدة، ولذلك تثبت في الجمع (فقتل أحد رماته) وكانوا عشرة مثلا (هدر قسطه) من ديته، وهو في هذا المثال عشرها (وعلى عاقلة) كل من
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548