مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٨٩
لصورة المسألة. (ولو وضع) شخص (حجرا) في طريق سواء كان متعديا أم لا (فعثر به رجل فدحرجه فعثر به آخر) فمات (ضمنه المدحرج) وهو العاثر الأول لأن الحجر إنما حصل ثم بفعله (ولو عثر) بفتح العين والثاء المثلثة في الأشهر، وحكي كسرها ماش (بقاعد أو نائم أو واقف بالطريق وماتا) أي العاثر والمعثور به (أو أحدهما فلا ضمان) على أحد كما في المحرر بل يهدران، وهذا (إن اتسع الطريق) لأنه غير متعد، والعاثر كان يمكنه التحرز.
تنبيه: تبع في هذا التعبير المحرر وظاهره إهدار العاثر والقاعد والنائم والواقف، ولا يعرف هذا لغير المحرر، والذي في الروضة كالشرحين إهدار العاثر وأن عاقلته تضمن دية القاعد والنائم والواقف، ويمكن أن يؤول قول المصنف فلا ضمان يعني على القاعد والنائم والواقف ليوافق المنقول وإن كان فيه تعسف، وسواء في ذلك كان القاعد أو الواقف بصيرا أو أعمى كما لو قصد قتل من يمكنه الاحتراز منه فلم يحترز حتى قتله (وإلا) بأن ضاق الطريق (فالمذهب إهدار قاعد ونائم) لأن الطريق للطروق، وهما بالقعود والنوم مقصران (لا عاثر بهما) فلا يهدر لعدم تقصيره، بل على عاقلتهما ديته (وضمان واقف) لأن الشخص قد يحتاج إلى الوقوف لتعب أو سماع كلام أو انتظار رفيق أو نحو ذلك فالوقوف من مرافق الطريق (لا عاثر به) فلا يضمن لتقصيره، والطريق الثاني ضمان كل منهما، والثالث ضمان العاثر وإهدار المعثور به، والرابع عكسه.
تنبيه: هذا كله إذا لم يوجد من الواقف فعل، فإن وجد بأن انحرف إلى الماشي لما قرب منه فأصابه في انحرافه وماتا فهما كماشيين اصطدما. وسيأتي حكمه بخلاف ما إذا انحرف عنه فأصابه في انحرافه أو انحرف إليه فأصابه بعد تمام انحرافه فحكمه كما لو كان واقفا لا يتحرك. والقائم في طريق واسع أو ضيق لغرض فاسد كسرقة أو أذى كالقاعد في ضيق كما قاله الأذرعي. قال الماوردي: لو كان الوقوف يضر بالمار كان كالجلوس فيضمن به دية العاثر، وإن كان القعود والاضطجاع لا يضرهم فكالقيام، فلو عثر الماشي بواقف أو قاعد أو نائم في ملكه أو مستحق منفعته فهلكا أو أحدهما فالماشي ضامن ومهدر لأنه قتل نفسه وغيره دونهم فليسوا بضامنين ولا مهدرين، وإنما يهدر الماشي إن دخلا بلا إذن ممن ذكر فإن دخل بإذن لم يهدر، ولو وقف أو قعد أو نام في ملك الغير تعديا فعثر به المالك وهو ماش فهو هدر لتعديه.
تتمة: المسجد لقائم أو قاعد فيه وكذا نائم معتكف به كالملك لهم فعلى عاقلة العاثر ديتهم وهو مهدر ولنائم فيه غير معتكف أو قائم أو قاعد فيه لما ينزه عنه المسجد كالطريق فيفصل فيه بين الواسع والضيق كما مر. وما تقدم من تضمين واضع القمامة والحجر والحافر والمدحرج والعاثر وغيرهم المراد به وجوب الضمان على عاقلتهم بالدية أو بعضها كما مرت الإشارة إليه لا وجوب الضمان عليهم أنفسهم كما نص عليه الشافعي والأصحاب.
فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه: إذا (اصطدما) أي حران كاملان راكبان أو ماشيان أو راكب وماش طويل سواء أكانا مقبلين أو مدبرين أم أحدهما مقبلا والآخر مدبرا كما يشعر به إطلاقه وإن قيد الرافعي بالمدبرين. وقيد المصنف الاصطدام بقوله: (بلا قصد) كاصطدام أعميين أو غافلين، أو كانا في ظلمة ليشمل ما إذا غلبتهما الدابتان، وسيأتي محترز في كلامه. واستقيد تقييد الاصطدام بالحرين من قوله: (فعلى عاقلة كل) منهما (نصف دية مخففة) أما كونه نصف دية فلان كل واحد هلك بفعله وفعل صاحبه فيهدر النصف كما لو جرحه مع جراحة نفسه، وأما كونها مخففة على العاقلة فلانه خطأ محض. ولا فرق في ذلك بين أن يقعا منكبين أو مستلقيين،
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548