مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١١٨
بدل الدم بأن يموت المجروح ثم يرتد وليه قبل أن يقسم (فالأفضل) وعبارة المحرر: فالأولى، ولو عبر به كان أولى (تأخير أقسامه ليسلم) لأنه لا يتورع في حال ردته عن الايمان الكاذبة. فإذا عاد إلى الاسلام أقسم. أما إذا ارتد قبل موته ثم مات المجروح وهو مرتد فلا يقسم لأنه لا يرث بخلاف ما إذا قتل العبد وارتد سيده فإنه لا فرق بين أن يرتد قبل موت العبد أو بعده لأن استحقاقه بالملك لا بالإرث (فإن أقسم في الردة صح) إقسامه واستحق الدية (على المذهب) لأنه عليه الصلاة والسلام اعتد بأيمان اليهود فدل على أن يمين الكافر صحيحة، والقسامة نوع اكتساب للمال فلا يمنع منه الردة كالاحتطاب. قال الرافعي: وهو المشهور، وعن المزني وحكى قولا مخرجا ومنصوصا أنه لا يصح.
تنبيه: محل الخلاف إذا مات أو قتل في الردة، فإن عاد إلى الاسلام اعتد به قطعا، ولو ارتد قبل موت المجروح وأسلم بعد موته لم يقسم لأنه ليس بوارث (ومن لا وارث له) خاص (لا قسامة فيه) وإن كان هناك لوث لعدم المستحق المعين لأن ديته لعامة المسلمين وتحليفهم غير ممكن، لكن ينصب القاضي من يدعي على من نسب القتل إليه ويحلفه، فإن نكل فهل يقضي عليه بالنكول أو لا؟ وجهان جزم في الأنوار بالأول، ومقتضى ما صححه الشيخان فيمن مات بلا وارث فادعى القاضي أو منصوبه دينا له على آخر فأنكر ونكل أنه لا يقضي له بالنكول بل يحبس ليحلف أو يقر: ترجيح الثاني، وهو أوجه.
فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة (إنما يثبت موجب القصاص) - بكسر الجيم - من قتل أو جرح (بإقرار، أو) شهادة (عدلين) به لما سيأتي في الشهادات إن شاء الله تعالى.
تنبيه: ورد على حصره علم القاضي ونكول المدعى عليه وحلف المدعي فإنه يثبت بهما. وأجيب عن الثاني برجوعه إلى الاقرار أو البينة، ويستثنى من إطلاقه السحر فإنه قد يوجب القصاص، ومع ذلك لا يثبت بالبينة، بل بالاقرار فقط كما سيأتي (و) إنما يثبت موجب (المال) من قتل أو جرح خطأ أو شبه عمد (بذلك) أي إقراره أو شهادة عدلين أو علم القاضي (أو برجل وامرأتين، أو) برجل (ويمين) لا بامرأتين ويمين لما سيأتي في بابه، فإن هذه المسائل من جملة ما يأتي في كتاب الشهادات ذكرت هنا تبعا للشافعي رضي الله تعالى عنه، ويأتي ثم الكلام على صفات الشهود والمشهود به مستوفى، وفي باب القضاء بيان أن القاضي يقضي بعلمه.
تنبيه: قوله: والمال هو بالجر عطفا على القصاص، وحينئذ يرد على حصره القسامة في محل اللوث فإن المال يثبت باليمين فقط، والمراد باليمين في كلامه الجنسي لا الافراد لما مر من تعدد اليمين مع الشاهد، وإنما يثبت المال برجل وامرأتين إذا ادعى به عينا. فلو ادعى القصاص فشهد له رجل وامرأتان لم يثبت القصاص ولا الدية. فإن قيل: لو أقام في السرقة رجلا وامرأتين ثبت الغرم لا القطع، فهلا كان هنا كذلك؟ أجيب بأن الشهادة بالسرقة توجبهما معا، وإذا كانت البينة لا يثبت بها القطع، بقي الغرم، بخلاف الجناية، فإنها توجب القود عينا أو أحدهما لا بعينه، فلو أجبنا الدية في العمد أوجبنا فيه بخلاف مقتضى الجناية (ولو عفا) مستحق قصاص في جناية توجبه (عن القصاص ليقبل للمال رجل وامرأتان) أو رجل ويمين (لم يقبل) أي لم يحكم له بذلك (في الأصح) المنصوص لأن المال إنما يثبت، بعد ثبوت القصاص ولم يثبت، فينبغي أن يثبت القصاص ليعتبر العفو. والثاني يقبل، وصححه الماوردي، لأن القصد المال، وعلى الأول لو أقام بينة بعد عفوه بالجناية المذكورة هل يثبت القصاص لأن العفو غير معتبر أو لا؟ لأنه أسقط حقه، لم أر من تعرض له، والظاهر الأول.
تنبيه: محل الخلاف إن أنشأ الدعوى والشهادة بعد العفو، أما لو ادعى العمد وأقام رجلا وامرأتين ثم عفا
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548