مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٨٨
الذي لم يعينا له بدلا، وهو نصف سالم، وفي الباقي خلاف تبعيض الشهادة، فعلى ما صححه الأصحاب من صحة التبعيض يعتق نصف سالم مع كل غانم، والمجموع قدر الثلث. (فإن كان الوارثان) الحائزان (فاسقين لم يثبت الرجوع) عن الوصية لسالم لعدم قبول شهادة الفاسق، (فيعتق سالم) بشهادة الأجنبيين، لأن الثلث يحتمله ولم يثبت الرجوع فيه. (و) يعتق (من غانم) قدر ما يحتمله (ثلث ماله بعد سالم) وكأن سالما هلك أو غصب من التركة مؤاخذة للورثة بإقرارهم.
تنبيه: لو لم يتعرضا للرجوع أقرع بينهما، نعم إن كانا فاسقين عتق غانم وثلثا سالم كما بحثه بعض المتأخرين.
تتمة: لو قال السيد لعبده: إن قتلت أو إن مت في رمضان فأنت حر فأقام العبد بينة بأنه قتل في الأولى أو بأنه مات في رمضان في الثانية، وأقام الوارث بينة بموته حتف أنفه في الأولى وبموته في شوال في الثانية قدمت بينة العبد، لأن معها زيادة علم بالقتل في الأولى وبحدوث الموت في رمضان في الثانية، ولا قصاص في الأولى لأن الوارث منكر للقتل، فإن أقام الوارث بينة في الثانية بموته في شعبان قدمت بينته، لأنها ناقلة. وإن علق عتق سالم بموته في رمضان أو في مرضه وعلق عتق غانم بموته في شوال أو بالبرء من مرضه فأقاما بينتين بموجب عتقهما، فهل يتعارضان كما قاله ابن المقري أو تقدم بينة سالم كما قاله صاحب الأنوار أو بينة غانم كما استظهره شيخنا؟ أوجه، أظهرها آخرها.
فصل: في شروط القائف وبيان إلحاقه النسب بغيره: وذكر المصنف بعض أحكامه في بابي العدة واللقيط.
والقائف لغة متتبع الآثار، والجمع قافة كبائع وباعة. وشرعا: من يلحق النسب بغيره عند الاشتباه بما خصه الله تعالى به من علم ذلك. والأصل في الباب خبر الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: دخل علي النبي (ص) مسرورا تبرق أسارير وجهه فقال: ألم تري أن مجززا المدلجي دخل علي فرأى أسامة وزيدا عليهما قطيفة قد غطيا بها رؤسهما وقد بدت أقدامهما فقال إن هذه الاقدام بعضها من بعض؟ فإقراره (ص) على ذلك يدل على أن القافة حق. قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: فلو لم يعتبر قوله لمنعه من المجازفة، وهو (ص) لا يقر على خطأ ولا يسر إلا بالحق اه‍. وسبب سروره (ص) بما قاله مجزز أن المنافقين كانوا يطعنون في نسب أسامة لأنه كان طويلا أسود أفنى الانف، وكان زيد قصيرا بين السواد والبياض أخنس الانف، وكان طعنهم مغيظة له (ص) إذ كانا حبيه، فلما قال المدلجي ذلك وهو لا يرى إلا أقدامهما سر به، نقله الرافعي عن الأئمة. وقال أبو داود: إن زيدا كان أبيض. وروى ابن سعد أن أسامة كان أحمر أشقر وزيد مثل الليل الأسود.
وروى مالك: أن عمر دعا قائفين في رجلين تداعيا مولودا، وشك أنس في مولود له فدعا له قائفا، رواه الشافعي رضي الله تعالى عنه. وبقولنا قال مالك وأحمد، وخالف أبو حنيفة وقال: لا اعتبار بقول القائف. وهو محجوج بما مر.
وفي عجائب المخلوقات عن بعض التجار أنه ورث من أبيه مملوكا أسود شيخا، قال: فكنت في بعض أسفاري راكبا على بعير والمملوك يقوده فاجتاز بنا رجل من بني مدلج فأمعن فينا نظره ثم قال: ما أشبه الراكب بالقائد قال: فرجعت إلى أمي فأخبرتها بذلك، فقالت: إن زوجي كان شيخا كبيرا ذا مال ولم يكن له ولد فزوجني بهذا المملوك فولدتك ثم فكني واستلحقك. وكانت العرب تلحق بالقيافة وتفخر بها وتعدها من أشرف علومها، وهي الفراسة، غرائز في الطباع يعان عليها المجبول ويعجز عنها المصروف عنها. وللقائف شروط شرع المصنف في ذكرها بقوله: (شرط القائف) أي شروطه (مسلم) فلا يقبل من كافر، (عدل) فلا يقبل من فاسق لأنه حاكم أو قاسم.
تنبيه: كان الأولى أن يقول إسلام، وكذا ما بعده فيأتي المصدر، لأن الشرط هو الاسلام لا الشخص، ومر التنبيه على ذلك في كتاب القضاء. وعبارة المحرر: أن يكون مسلما وهو حسن. وأهمل المصنف كونه بصيرا ناطقا وانتفاء العداوة عن الذي ينفيه عنه وانتفاء الولاء عمن يلحقه به، فلو عبر بأهلية الشهادة كما في الروضة لكان أخصر وأعم،
(٤٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548