مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٨٣
كلامه كغيره، وعبر في الروضة بالأصح: (أنه لو كان لصاحب متأخرة التاريخ يد قدم) على صاحب متأخرة التاريخ لتساوي البينتين في إثبات الملك حالا فتتساقطان فيه ويبقى من أحد الطرفين اليد ومن الأخرى الملك السابق، واليد أقوى من الشهادة على الملك السابق، ولهذا لا تزال به اليد. والثاني: يرجح السبق. والثالث: يتساقطان. وحكى ابن الصباغ طريقة قاطعة بالأول، وبه يتم في المسألة طريقان، فلهذا عبر المصنف بالمذهب. ولو كانت اليد لصاحب متقدمة التاريخ قدم قطعا.
تنبيه: شمل إطلاقه ما لو كانت متقدمة التاريخ شاهدة بوقف والمتأخرة التي معها يد شاهدة بملك أو وقف، وهو ما أفتى به المصنف. قال البلقيني: وعليه جرى العمل ما لم يظهر أن اليد عادية باعتبار ترتبها على بيع صدر من أهل الوقف أو بعضهم بغير سبب شرعي، فهناك تقدم العمل بالوقف. قال ابن شهبة: وهو متعين. ويشترط في سماع بينة بملك سابق أن تستصحبه إلى الحال كما يشير إليه قوله: (و) المذهب (أنها) أي البينة (لو شهدت بملكه أمس) بكسر السين، أو شهدت بملك الشهر الماضي مثلا (ولم تتعرض للحال، لم تسمع) تلك الشهادة (حتى يقولوا) مع ذلك (ولم يزل ملكه، أو) يقولوا (ولا نعلم مزيلا له) أي الملك، لأن دعوى الملك السابق لا تسمع فكذا البينة، ولأنها شهدت له بما لم يدعه. وفي قول: تسمع من غير هذا القول ويثبت بها الملك أمس. والطريق الثاني القطع بالأول.
تنبيه: يستثنى من إطلاق المصنف عدم السماع مسائل: الأولى: ما لو ادعى رق شخص بيده وادعى آخر أنه كان له أمس وأنه أعتقه وأقام بذلك بينة قبلت، لأن المقصود منها إثبات العتق وذكر الملك السابق وقع تبعا. الثانية:
ما لو شهدت أن هذا المملوك وضعته أمته في ملكه أو هذه الثمرة أثمرتها نخلته في ملكه ولم يتعرض لملك الولد والثمرة في الحال فإنها تسمع كما نص عليه وذكره في التنبيه، ثم قال: وقيل هو كالبينة بالملك. الثالثة: إذا شهدت أن هذا الغزل من قطنه كما نص عليه في التنبيه أيضا، وذكر معه ما إذا شهدت أن هذا الطير من بيضه والآجر من طينه.
الرابعة: إذا شهدت أنها ملكه بالأمس ورثها، قال العمراني: حكم بها على الأصح، وذكر أن الربيع والمزني نقلا ذلك.
الخامسة: إذا شهدت أنها ملكه أمس اشتراها من المدعى عليه بالأمس أو أقر له بها المدعى عليه بالأمس ولم يتعرض قبلت. السادسة: لو شهدوا أن هذه الدار اشتراها المدعي من فلان وهو يملكها ولم يقولوا وهي الآن ملك المدعي قبلت على ما يفهم من كلام الجمهور ولو لم تشهد البينة بملك أصلا، بل شهدت على حاكم في زمن سابق أنه ثبت عنده الملك، قال ابن قاسم: كعادة المكاتيب في هذا الزمان، قال بعضهم: لم أر فيه نقلا، ويحتمل التوقف. (وتجوز الشهادة بملكه الآن استصحابا لما) أي لحكم (سبق من إرث وشراء وغيرهما) اعتمادا على الاستصحاب، لأن الأصل البقاء وجاز ذلك للحاجة وإن جاز زواله، لأنه لو لم يعتمد الاستصحاب لعسرت الشهادة على الاملاك إذا تطاول الزمن. هذا إذا أطلق الشهادة، فإن صرح في شهادته باعتماد الاستصحاب لم يقبل عند الأكثرين، وقال القاضي حسين: يقبل. والأوجه كما قال شيخنا حمل الأول على ما إذا ظهر بذكر الاستصحاب تردد، أي وكلام القاضي على خلافه. فإن قالا: لا ندري هل زال أو لا، لم تقبل قطعا، لأنها صيغة مرتاب بعيدة عن أداء الشهادة. (ولو شهدت) بينة (بإقراره) أي المدعى عليه (أمس بالملك له) أي المدعي، (أستديم) الاقرار، أي حكمه وإن لم يصرح بالملك في الحال، لأنه أسنده إلى أمر يقيني فيثبت الملك له ثم يستصحب. ولو قال له الخصم: كانت العين المدعاة ملكك أمس وأخذناه بإقراره، فتنزع منه، كما لو قامت بينة بأنه أقر له به أمس. وفارقت ما لو شهدت بأنها كانت ملكه أمس بأن الاقرار لا يكون إلا عن تحقيق، والشاهد بالملك قد يتساهل ويعتمد التخمين، فإذا لم ينضم إليه الجزم في الحال ضعف.
تنبيه: الأصل أن بينة المدعي المطلقة لا توجب ثبوت الملك له بل تظهره كما نص عليه، فيجب أن يكون
(٤٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548