مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٢٦
تنبيه: أراد ببطلانها ظاهرا وإلا فبالاستحقاق بان أن لا قسمة. واستثنى ابن عبد السلام ما لو وقع في الغنيمة عين لمسلم استولى الكفار عليها ولم يظهر أمرها إلا بعد القسمة، بل يعوض من وقعت في نصيبه من خمس الخمس ولا تنقض القسمة، ثم قال: هذا إن كثر الجند، فإن كانوا قليلا كعشرة فينبغي أن تنقض، إذ لا عسر في إعادتها.
خاتمة في مسائل منثورة مهمة: تقسم المنافع بين الشريكين كما تقسم الأعيان مهايأة مياومة ومشاهرة ومسانهة، وعلى أن يسكن أو يزرع هذا مكانا من المشترك وهذا مكانا آخر منه، لكن لا إجبار في المنقسم وغيره من الأعيان التي طلبت قسمة منافعها فلا تقسم إلا بالتوافق لأن المهايأة تعجل حق أحدهما وتؤخر حق الآخر بخلاف قسمة الأعيان، قال البلقيني:
وهذا في المنافع المملوكة بحق الملك في العين، أما المملوكة بإجارة أو وصية فيجبر على قسمتها وإن لم تكن العين قابلة للقسمة، إذ لا حق للشركة في العين، فإن تراضيا بالمهايأة وتنازعا في البداءة بأحدهما أقرع بينهما ولكل منهما الرجوع عن المهايأة، فإن رجع أحدهما عنها بعد استيفاء المدة أو بعضها لزم المستوفي للآخر نصف أجرة المثل لما استوفى كما إذا تلفت العين المستوفي أحدهما منفعتها، فإن تنازعا في المهايأة وأصرا على ذلك أجرها القاضي عليهما ولا يبيعها عليهما لأنهما كاملان ولا حق لغيرهما فيها. ولا تجوز المهايأة في ثمر الشجر ليكون لهذا عاما ولهذا عاما، ولا في لبن الشاة مثلا ليحلب هذا يوما وهذا يوما، لأن ذلك ربوي مجهول، وطريق من أراد ذلك أن يبيح كل منهما لصاحبه مدة، واغتفر الجهل لضرورة الشركة مع تسامح الناس في ذلك. وليس للقاضي أن يجيب جماعة إلى قسمة شئ مشترك بينهم حتى يقيموا عنده بينة بملكهم، سواء اتفقا على طلب القسمة أو تنازعوا فيه، لأنه قد يكون في أيديهم بإجارة أو إعارة أو نحو ذلك، فإذا قسمه بينهم فقد يدعون الملك محتجين بقسمة القاضي. ويقبل في إثبات الملك شاهد وامرأتان، وكذا شاهد ويمين كما جزم به الدارمي واقتضاه كلام غيره وصوبه الزركشي، وإن خالف فيه ابن المقري. ولا تصح قسمة الديون المشتركة في الذمم لأنها إما بيع دين بدين، أو إفراز ما في الذمة، وكلاهما ممتنع، وإنما امتنع إفراز ما في الذمة لعدم قبضه، وعلى هذا لو تراضيا على أن يكون ما في ذمة زيد لأحدهما وما في ذمة عمرو للآخر لم يختص أحد منهما بما قبضه.
ولو تقاسم شريكان ثم تنازعا في بيت أو قطعة أرض وقال كل هذا من نصيبي ولا بينة تحالفا وفسخت القسمة، وقال الشيخ أبو حامد: يحلف ذو اليد ولمن أطلع على عيب في نصيبه أن ينفسخ. ولو تقاسما دارا وبابها في قسم أحدهما والآخر يستطرق إلى نصيبه من باب يفتحه إلى شارع فمنعه السلطان لم تنفسخ القسمة كما قاله ابن الأستاذ خلافا لابن الصلاح.
ولا يقاسم الولي محجوره بنفسه ولو قلنا القسمة إفراز كما صرحوا به فيما إذا كان بين الصبي ووليه حنطة.
كتاب الشهادات جمع شهادة مصدر شهد، من الشهود بمعنى الحضور. قال الجوهري: الشهادة خبر قاطع، والشاهد حامل الشهادة ومؤديها لأنه مشاهد لما غاب عن غيره، وقيل: مأخوذ من الاعلام، قال الله تعالى: * (شهد الله أنه لا إله إلا هو) *.
أي أعلم وبين. والأصل فيه قبل الاجماع آيات، لقوله تعالى: * (ولا تكتموا الشهادة) *، وقوله تعالى: * (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) * وقوله تعالى: * (وأشهدوا إذا تبايعتم) * (4) وهو أمر إرشاد لا وجوب. وأخبار كخبر الصحيحين: ليس لك إلا شاهداك أو يمينه وخبره: أنه (ص) سئل عن الشهادة، فقال للسائل: ترى الشمس؟ قال: نعم، فقال:
على مثلها فاشهد أو دع رواه البيهقي والحاكم وصحح إسناده. وأما خبر: أكرموا الشهود، فإن الله تعالى يستخرج بهم الحقوق ويدفع بهم الظلم فضعيف كما قاله البيهقي، وقال الذهبي في الميزان: إنه حديث منكر. وأركانها خمسة: شاهد، ومشهود له، ومشهود عليه، ومشهود به، وصيغة. وكلها تعلم مما يأتي مع ما يتعلق بها. وقد بدأ بالشرط الأول، فقال:
(٤٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548