مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٨٦
عدد الزنيات ثم تداخلت، أو حد واحد فقط، وتجعل الزنيات إذا لم يتخللها حد كحركات زنية واحدة؟ فيه تردد والثاني أقرب كما قاله ابن النقيب، وما في فروع أنب الحداد من أن المرأة إذا ثبت زناها بلعان زوجين أنه يلزمها حدان أنكره الأصحاب، وقالوا إنهما حدان لله تعالي من جنس واحد فتداخلا، وإن جلد للزنا ثم زنى ثانيا قبل التغريب أو جلد له خمسين ثم زنى ثانيا كفاه فيهما جلد مائة وتغريب واحد، ودخل في المائة الخمسون الباقية، وفى التعريب للثاني التغريب الأول، ولو زنى بكرا ثم محصنا قبل أن يجلد دخل التغريب تحت الرجم لئلا تطول المدة مع أن النفس مستوفاة ولان التغريب صفة، فيغتفر فيها مالا يغتفر في غيرها، ولا يدخل الجلد في الرجل كما رجحه ابن المقرى لاختلاف العقوبتين وقيل يدخل لأنهما عقوبة جريمة واحدة، ولو زنى ذمي محصن ثم نقض العهد واسترق ثم إلى ثانيا ففي دخول الجلد في الرجم وجهان أصحهما كما قاله البغوي المنع وإن قال البلقيني الأصح الدخول كالحدين، ويثبت قطع الطريق بإقرار القاطع به لا باليمين المردودة كما مر في كتاب السرقة خلافا لما في الكتاب وبشهادة رجلين لا رجل وامرأتين أو ويمين وأما المال فيثبت بذلك، ويشترط في الشهادة التفصيل، وتعيين قاطع الطريق، ومن قتله أو أخذ ماله كما سبق في الشهادة على السرقة، ولو شهد اثنان من الرفقة على المحارب لغيرهما، ولم يتعرضا لأنفسهما في الشهادة قبلت شهادتهما وليس على القاضي البحث عن كونهما من الرفقة أولا، وإن بحث لم يلزمهما أن يجيبا، فإن قالا نهبونا وأخذوا مالنا أو مال رفقتنا لم يقبلا في حقهما ولا في حق غيرهما للعداوة.
كتاب الأشربة والتعازير، والأشربة جمع شراب بمعنى مشروب، والشريب: المولع بالشراب، والشرب - بفتح الشين وسكون الراء -:
الجماعة يشربون الخمر، وشربه من كبائر المحرمات، بل هي أم الكبائر كما قاله عمر وعثمان رضي الله تعالى عنهما:
والأصل في تحريمها قوله تعالى: * (إنما الخمر والميسر) * الآية، وقال تعالى: * (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم) * وهو الخمر عند الأكثرين، واستشهد له بقول الشاعر:
شربت الاثم حتى ضل عقلي كذاك الاثم يذهب بالعقول وتظافرت الأحاديث على تحريمها، روى أبو داود أن رسول الله (ص) لعن الخمرة وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه، وقال صلى الله عليه وسلم: من شربها في الدنيا ولم يتب حرمها الله عليه في الآخرة. وروى مسلم أن النبي (ص) قال: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن وانعقد الاجماع على تحريمها، ولا التفات إلى قول من حكى عنه إباحتها، وكان المسلمون يشربونها في أول الاسلام فاختلف أصحابنا في أن ذلك كان استصحابا منهم بحكم الجاهلية أو بشرع في إباحتها على وجهين رجح الماوردي الأول، والمصنف الثاني. وكان تحريمها في السنة الثانية من الهجرة بعد أحد، وقيل: بل كان المباح الشرب ولا ما ينتهي إلى السكر المزيل للعقل فإنه حرام في كل ملة، حكاه ابن الشقيري في تفسيره عن القفال الشاشي قال المصنف في شرح مسلم: وهو باطل لا أصل له، والخمر المسكر من عصير العنب وإن لم يقذف بالزبد، واشترط أبو حنيفة أن يقذف، فحينئذ يكون مجمعا عليه.
تنبيه: اختلف أصحابنا في وقوع اسم الخمر على الأنبذة حقيقة، فقال المزني وجماعة بذلك، لأن الاشتراك في الصفة يقتضي الاشتراك في الاسم، وهو قياس في اللغة وهو جائز عند الأكثرين وهو ظاهر الأحاديث، ونسب الرافعي إلى الأكثرين أنه لا يقع عليها إلا مجازا، أما في التحريم والحد فهو كالخمر، لكن لا يكفر مستحلها بخلاف الخمر للاجماع على تحريمها دون تلك، فقد اختلف العلماء في تحريمها، ولم يستحسن الإمام إطلاق القول بتكفير
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548