مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٨٣
(تنبيه) الواو في كلامه بمعنى أو كما صرح به في المحرر: أي يعزره بواحد مما ذكر، وتعيينه لرأى الإمام كما مر في المخيفين (وقيل يتعين التغريب إلى حيث) أي مكان (يراه) الإمام. لأن عقوبته في الآية النفي، وعلى هذا هل يعزره في البلد المنفى إليه ضرب أو حبس أو نحو ذلك؟ وجهان: أصحهما أن ذلك إلي رأى الإمام وما تقتضيه المصلحة. ثم شرع في بيان الخلاف في المعنى المغلب في قتل القاطع بقوله (وقتل القاطع يغلب فيه معنى القصاص) لأنه حق آدمي. والأصل فيما اجتمع فيه حق آدمي وحق الله تعالى يغلب فيه حق الآدمي لبنائه على الضيق، ولأنه لو قتل بلا محاربة ثبت لوليه القصاص فكيف يحبط حقه بقتله فيها؟ (وفى قول) معنى (الحد) وهو حق الله تعالى لأنه لا يصح العفو عنه، ويستوفيه الإمام بدون طلب الولي، وفرع على القولين مسائل خمسة ذكرها في قوله (فعلى الأول لا يقتل) والد (بولده) الذي قتله في قطع الطريق (و) لا (ذمي) إذا كان هو مسلما، ولا نحو ذلك ممن لا يكافئه كعبد والقاطع حر لعدم المكافأة وتجب الدية أو القيمة، وعلى الثاني يقتل إلا أن يكون المقتول غير معصوم كمرتد وزان محصن فإنه لم يقتل (ولو مات) القاطع من غير قتله قصاصا) فدية) على الأول تؤخذ من تركته في قتل حر وقيمة في قتل عبد، وعلى الثاني لا شئ كما قالاه وإن صحيح البلقيني وجوب الدية (ولو قتل جمعا) معا (قتل بواحد) منهم بالقرعة (واللباقين ديات) على الأول كالقصاص، وعلى الثاني يقتل بهم. أما إذا قتلهم مرتبا فإنه يقتل حتما بأولهم وإن أوهم كلام المتن خلافه، حتى لو عفا وليه لم يسقط لتحمنه (ولو عفا) عن القصاص (وليه) أي المقتول (بمال) أي عليه صح العفو على الأول، و (وجب) المال (وسقط القصاص) عنه (ويقتل) بعد ذلك (حدا) كما لو وجب القصاص على مرتد فعفا عنه الولي، وعلى الثاني فالعفو لغو كما قالاه وإن قال البلقيني إنه لغو على القولين، لأن القاطع لم يستفد بالعفو شيئا لتحتم قتله بالمحاربة (ولو قتل) القاطع شخصا (بمثل أو بقطع عضو) أو بغير ذلك (فعل بن مثله) على الأول تغليبا للقصاص، وعلى الثاني يقتل بالسيف كالمرتد كما قالاه وإن قال البلقيني إنه يقتل بالسيف على القولين، ولا نظر إلى المماثلة.
(تنبيه) من ثمرة الخلاف أيضا ما لو تاب قبل أن يقدر عليه لم يسقط القصاص على الأول ويسقط على الثاني (ولو جرح) قاطع الطريق شخصا جرحا يوجب قصاصا كقطع يد (فاندمل) الجرح (لم يتحتم) على القاطع (قصاص) في ذلك الطرف المجروح (في الأظهر) بل يتخير المجروح بين القصاص والعفو، لأن التحتم تغليظ الحق الله تعالى فاختص بالنفس كالكفارة، ولان الله تعالى لم يذكر الجرح في الآية فكان باقيا على أصله في غير الحرابة:
والثاني يتحتم كالنفس، والثلاث يتحتم في اليدين والرجلين لأنهما مما يستحقان في المحاربة دون الانف والاذن ونحوهما.
(تنبيه) قوله فاندمل من زيادته على المحرر، واحترز به عما إذا سرى إلى النفس فهو كالقتل، لكنه يوهم أن الاندمال قيد لمحل الخلاف وليس مرادا، فلو قطع يده ثم قتله قبل الاندمال جرى القولان أيضا في التحتم في قصاص اليد كما نقلاه عن ابن الصباغ، وأشعر قوله لم يتحتم بتصوير المسألة فيما فيه قود من الأعضاء. أما غيره كجائفة فواجبه المال (وتسقط عقوبات تخص القاطع) من تحتم القتل والصلب وقطع الرجل، وكذا اليد في الأصح. فإن قيل:
كلام المصنف يوهم خلافه، فإن الرجل هي المختصة بقطع الطريق، فلو قال تسقط حد الله تعالى لاستقام.
أجيب بأن قطع اليد ليس عقوبة كاملة وإنما هو جزء عقوبة، فإن المجموع من قطع اليد والرجل عقوبة واحدة مختصة بقاطع الطريق، فإذا سقط بعضها سقط كلها (بتوبة قبل القدرة عليه) لقوله تعالى " إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548