مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٤٢
الحق له تعالى، ولا تسقط به كفارة يمين وظهار وقتل كالدين، وعليه بعد إسلامه رد مال مسلم استولى عليه ولو بدار الحرب فإن غنمناه ولو مع أموالهم رد مالكه، وإن خرج لواحد بعد القسمة رده أيضا لمالكه وغرم له الإمام بدله من بيت المال، فإن لم يكن فيه شئ نقضت القسمة، ولو استولد بالكافر جارية مسلم ثم وقعت في الغنم أخذها وولدها مالكها، لأن ملكه لم يزل عنها، ويندب له عدم أخذها، ولو نكح حربي مسلمة، أو أصابها بشبهة وولد ت منه لحقه الولد للشبهة، ثم إن ظفرنا بهم لم يرق الولد كأمه للحكم بإسلامه تبعا لها، ولو وجد أسير بدارنا فادعى الاسلام أو الذمة صدق بيمينه، بخلاف أسير وجد بدار الحرب، ولو غنمنا رقيقا مسلما اشتراه كافر من مسلم رد لبائعه ورد بائعه الثمن للكافر لعدم صحة البيع، وفداء الأسير مندوب للآحاد، فلو قال شخص للكافر بغير إذن الأسير: أطلقه ولك علي كذا لزمه ولا رجوع له على الأسير، فإن أذن له رجع عليه به إذا غرمه ولو لم يشترط الرجوع كقول المدين لغيره أقض ديني. ولو قال الأسير للكافر: أطلقني بكذا أو قال له الكافر: أفد نفسك بكذا فقبل لزمه ما التزم، فإن قيل:
هذا مخالف لقولهم: أنه لو التزم لهم مالا ليطلقوه لم يلزمه الوفاء به، ومن أنهم لو قالوا له خذ هذا وابعث لنا كذا من المال فقال نعم فهو كالشراء مكرها فلا يلزمه المال، وقياسه أن يكون ما هنا كذلك. أجيب بأن ما مر في الأولى صورته أن يعاقده على أن يطلقه ليعود إليه أو يرد إليه مالا كما أفصح عنه الدارمي، وهنا عاقده على رد المال عينا. وأما الثانية فلا عقد فيها في الحقيقة، ولو غنم المسلمون ما افتدى به الأسير لزمهم رده للمفادى، لأنه لم يخرج عن ملكه، ولو انقضت مدة حربي مستأمن، وأمانه مختص ببلد بلغ مأمنه، فإن كان أمانه عاما لم يجب تبليغه مأمنه، لأن ما يتصل ببلادنا ببلادهم من محل أمانه فلا يحتاج إلى مدة الانتقال من موضع الأمان كتاب عقد الجزية للكفار لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من قتال المشركين عقبه بالجزية، لأن الله تعالى غيا القتال بها بقوله * (حتى يعطوا الجزية) * الآية، وتطلق على العقد، وعلى المال الملتزم به، وهي مأخوذة من المجازاة لكفنا عنهم، وقيل من الجزاء بمعنى القضاء. قال تعالى * (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا) * أي لا تقضي، ويقال: جزيت ديني أي قضيته، وجمعها جزى كقرية وقرى، وليست هي مأخوذة في مقابلة الكفر ولا التقرير عليه، بل هو نوع إذلال لهم ومعونة لنا، وربما يحملهم ذلك على الاسلام مع مخالطة المسلمين الداعية إلى معرفة محاسن الاسلام، ولعل الله تعالى أن يخرج منهم من يؤمن بالله واليوم الآخر. والأصل فيها قبل الاجماع قوله تعالى: * (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله) * إلى قوله: * (حتى يعطوا الجزية) * الآية، وقد أخذها (ص) من مجوس هجر كما رواه البخاري، ومن أهل نجران كما رواه أبو داود، ومن أهل أيلة كما رواه البيهقي، وقال إنه منقطع. وأركانها خمسة: صيغة، وعاقد، ومعقود له، ومكان، ومال. وقد شرع المصنف في أولها فقال: (صورة عقدها) من الموجب وسيأتي أنه الإمام أو نائبه نحو (أقركم) كأقررتكم كما في المحرر وغيره، وحينئذ لا فرق بين أن يأتي بصيغة الماضي أو المضارع وقول البلقيني: لا بد أن يقصد المضارع الحال أو الاستقبال لينسلخ عن معنى الوعد ممنوع، لأن المضارع عند التجرد من القرائن يكون للحال. قال ابن شهبة: وقد ذكر القرافي أن صيغ المضارع تأتي للانشاء كأشهد ونحوه وقول المصنف (بدار الاسلام) ليس بقيد فقد يقرهم بالجزية في دار الحرب (أو أذنت في إقامتكم بها) غير الحجاز كما سيأتي (على أن تبذلوا) - بالمعجمة - أن تعطوا بمعنى تلتزموا (جزية) هي كذا في كل حول. قال الجرجاني: ويقول أول الحول أو آخره (وتنقادوا لحكم الاسلام) في غير العبادات من حقوق الآدميين في المعاملات وغرامة المتلفات وكذا ما يعتقدون تحريمه كالزنا والسرقة
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548