مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٣٨
الكف عن القتال كما صرح به الماوردي. (وتكفي) ولو من ناطق (إشارة مفهمة للقبول) لكن يعتبر في كونها كناية من الأخرس أن يختص بفهمها فظنون، فإن فهمها كل أحد فصريحة كما علم من الطلاق.
تنبيهان: أحدهما: قد يوهم كلامه أن الإشارة لا تكفي في إيجاب الأمان والمذهب الاكتفاء كما مر، وهذا بخلاف الإشارة في الطلاق والرجعة وسائر العقود، حيث يعتبر العجز عن النطق، لأن المقصود هنا حقن الدماء فكانت الإشارة شبهة، واحترز بالمفهمة عن غير المفهمة، فلا يصح بها أمان. الثاني أن محل الخلاف في اعتبار القبول إن لم يسبق منه استيجاب، فإن سبق منه لم يحتج للقبول جزما. (ويجب أن لا تزيد مدته على أربعة أشهر) في الأظهر لما سيأتي في الهدنة، فإن زاد عليها بطل في الزائد، ولا يبطل في الباقي على الأصح تخريجا على تفريق الصفقة، فلو أطلق الأمان حمل على أربعة أشهر، ويبلغ بعدها المأمن. فإن قيل: قد رجحا في الهدنة أنها لا تصح عند الاطلاق، وقد قالا: حكم الأمان حكم الهدنة حيث لا ضعف، أجيب بأن هذا مستثنى لأن بابه أوسع بدليل صحته من الآحاد بخلافها (وفي قول يجوز) أكثر منها (ما لم تبلغ) مدته (سنة) كالهدنة، أما السنة فممتنعة قطعا.
تنبيهان: أحدهما: محل الخلاف في أمان الرجال، أما النساء فلا يحتاج فيهن إلى تقييده مدة، وقد نص في الام على أن المرأة المستأمنة إذا كانت ببلاد الاسلام لم تمنع ولا تتقيد بمدة لأن الأربعة أشهر إنما هي للمشركين الرجال، ومنعوا من السنة لئلا تترك الجزية، والمرأة ليست من أهلها، والخنثى كالمرأة كما بحثه بعض المتأخرين. الثاني سكت المصنف عن بيان المكان الذي يكون المؤمن فيه إشعارا بأنه لا حاجة لتقييده وهو كذلك. (ولا يجوز) ولا يصح (أمان يضر المسلمين كجاسوس) وطليعة لخبر: لا ضرر ولا ضرار وينبغي كما قال الإمام أن لا يستحق تبليغ المأمن فيغتال لأن دخول مثله خيانة.
تنبيه: كلام المصنف يقتضي أن شرط الأمان انتفاء الضرر دون ظهور المصلحة وهو كذلك كما صرح به في أصل الروضة تبعا للإمام، وإن رجح البلقيني تبعا للقاضي حسين أنه إنما يجوز بالمصلحة. ثم قال: لا يخفى أن ذلك في أمان الآحاد، أما أمان الإمام، فلا يجوز إلا بالنظر للمسلمين نص عليه اه‍. وهذا ظاهر، ولا لغيره ولو أمن أحادا على مدارج الغزاة وعسر بسببه سير العسكر واحتاجوا إلى نقل الزاد رد للضرورة، وفي معنى الجاسوس من يحمل سلاحا إلى دار الحرب ونحوه مما يعينهم. (وليس للإمام) ولا لغيره (نبذ الأمان إن لم يخف خيانة) لأن الأمان لازم من جهة المسلمين فإن خافها نبذه كالهدن وأولى، جائز من جهة الكافر لينبذه متى شاء (ولا يدخل في الأمان) لحربي بدارنا (ماله وأهله من زوجته وولده الصغير أو المجنون بدار الحرب) جزما، لأن فائدة الأمان تحريم قتله واسترقاقه ومفاداته، لا أهله وماله، فيجوز اغتنام أمواله وسبي ذراريه المخلفين هناك (وكذا ما معه منهما) في دار الاسلام، وإن لم يكن في حيازته (في الأصح إلا بشرط) لقصور اللفظ عن العموم، والثاني لا يحتاج إلى شرط.
تنبيه: المراد بما معه من ماله غير المحتاج إليه مدة أمانه، أما المحتاج إليه فيدخل ولو بلا شرط، ومن ذلك ما يستعمله في حرفته من الآلات ومركوبه إن لم يستغن عنه، هذا إذا أمنه غير الإمام. فإن أمنه الإمام دخل ما معه بلا شرط، ولا يدخل ما خلفه بدار الحرب إلا بشرط من الإمام، أما إذا كان الأمان للحربي بدراهم، فقياس ما ذكر أن يقال إن كان أهله وماله بدراهم دخلا ولو بلا شرط إن أمنه الإمام، وإن أمنه غيره لم يدخل أهله ولا ما لا يحتاجه من ماله إلا بشرط، بخلاف ما يحتاجه فيدخل من غير شرط، وإن كان بدارنا دخلا إن شرطه الإمام لا غيره، وكلام المصنف يقتضي أن الذي معه لغيره لا يدخل قطعا وليس مرادا، فقد نص في الام على التسوية بين ما معه من ماله ومال غيره.
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548