مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٤٠
وإن أمكنه لم يحرم الوفاء، لأن الهجرة حينئذ مستحبة.
تنبيه: لو حلفوه ولو بالطلاق مكرها على ذلك لم يحنث بتركه لعدم انعقاد يمينه، فإن قالوا لا نطلقك حتى تحلف أنك لا تخرج فحلف، فأطلقوه فخرج لم يحنث أيضا كما لو أخذ اللصوص رجلا وقالوا: لا نتركك حتى تحلف أنك لا تخبر بمكاننا فحلف ثم أخبر بمكانهم لم يحنث، لأنه يمين إكراه وإن حلف لهم ترغيبا، ولو قبل الاطلاق حنث بخروجه، وله عند خروجه أخذ مال مسلم وجده عندهم ليرده عليه ولو أمنهم عليه، ولا يضمنه كما رجحه ابن المقري لأنه لم يكن مضمونا على الحربي الذي كان بيده، بخلاف المغصوب إذا أخذه شخص من الغاصب ليرده إلى مالكه فإنه يضمنه، لأنه كان مضمونا على الغاصب فأديم حكمه.
فروع: لو التزم لهم قبل خروجه ما لا فداء وهو مختار، أو أن يعود إليهم بعد خروجه إلى دار الاسلام حرم عليه العود إليه، وسن له الوفاء بالمال الذي التزمه ليعتمدوا الشرط في إطلاق الاسراء، وإنما لم يجب لأنه التزام بغير حق والمال المبعوث إليهم فداء لا يملكونه كما قاله الروياني وغيره، لأنه مأخوذ بغير حق ولو اشترى منهم شيئا ليبعث إليهم ثمنه أو اقترض، فإن كان مختارا لزمه الوفاء، أو مكرها فالمذهب أن العقد باطل، ويجب رد العين، فإن لم يجر لفظ بيع بل قالوا خذ هذا وابعث إلينا كذا من المال فقال نعم فهو كالشراء مكرها، ولو وكلوه ببيع شئ لهم بدارنا باعه ورد ثمنه إليهم. (ولو عاقد الإمام) أو نائبه (علجا) هو الكافر الغليظ الشديد سمي به لدفعه عن نفسه بقوته ومنه سمي العلاج علاجا لدفعه الداء. وفي الحديث: الدعاء والبلاء يتعالجان إلى يوم القيامة أي يتصارعان، رواه البزار والحاكم من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها (يدل على قلعة) تفتح عنوة، وهي بفتح القاف وإسكان اللام، وحكي فتحها: الحصن، إما لأنه قد خفي علينا طريقها، أو ليدلنا على طريق خال من الكفار، أو سهل، أو كثير الماء، أو الكلأ أو نحو ذلك (وله منها جارية جاز) ذلك سواء أكان ابتداء الشرط من العلج أم من الإمام وهي جعالة بجعل مجهول غير مملوك احتملت للحاجة وسواء كانت الجارية معينة أو مبهمة، حرة أم أمة، لأن الحرة ترق بالأسر والمبهمة يعينها الإمام ويجبر العلج على القول وسواء حصل بالدلالة كلفة أم لا حتى لو كان الإمام نازلا تحت قلعة لا يعرفها، فقال: من دلني على قلعة كذا فله منها جارية، فقال العلج: هي هذه. استحق الجارية كما في الروضة وأصلها، فإن قيل:
مقتضى ما ذكروه في باب الجعالة عدم الاستحقاق فإنهم شرطوا التعب ولا تعب هنا. أجيب بأنهم لم يعتبروا التعب هنا، ولهذا لو قال العلج: القلعة بمكان كذا ولم يمش ولم يتعب استحق الجارية فكذلك أيضا هنا، وقد استثنوا من عدم صحة الاستئجار على كلمة لا تتعب مسألة العلج للحاجة.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لا فرق بين القلعة المعينة والمبهمة، وهو ما في تعليق الشيخ أبي حامد، ولعله كما قال شيخنا محمول على ما إذا أبهم في قلاع محصورة، وإلا فلا يصح، بل الجمهور إنما صوروه بالمعينة، لأن غير المعينة يكثر فيها الغرر، لكن مع الحمل المذكور يخف فينبغي اعتماده. وخرج بالعلج ما لو عاقد مسلما بما ذكر فإن الأصح عند الإمام عدم الصحة وتبعه في الحاوي الصغير لأن فيه أنواع غرر فلا يحتمل معه واحتملت مع الكافر لأنه أعرف بأحواله قلعهم وطرقهم غالبا، ولان المسلم يتعين عليه فرض الجهاد والدلالة نوع منه فلا يجوز أخذ العوض عليه لكن الذي أورده العراقيون الجواز، وقال في البحر إنه المشهور. وقال الأذرعي إنه الأصح المختار كشرط النفل في البراءة والرجعة وهو قضية كلام الرافعي في باب الغنيمة وصححه البلقيني وغيره وهو الظاهر لأن الحاجة قد تدعو إلى ذلك واحترز بقوله: وله منها جارية عما إذا قال الإمام وله جارية مما عندي مثلا فإنه لا يصح للجهل بالجعل كسائر الجعالات وتعبيره بالجارية مثال ولو قال جعل كما في التنبيه لكان أشمل. (فإن فتحت) أي القلعة عنوة بمن عاقده (بدلالته) - بكسر الدال وفتحها - وفيها الجارية المعينة أو المبهمة حية ولم تسلم قبل إسلامه (أعطيها) وإن لم يوجد سواها على الأصح لأنه استحقها بالشرط قبل الظفر.
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548