مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٧٣
لكنه قال في شرح هذا الكتاب: ليس المراد بالتسمية خصوص هذا اللفظ، بل لو قال الرحمن الرحيم كان حسنا، وفي البحر عن البيهقي أن الشافعي قال: فإن زاد شيئا من ذكر الله فالزيادة خير فالاكمل أن يقول (بسم الله الرحمن الرحيم) ويسن في الأضحية أن يكبر قبل التسمية وبعدها ثلاثا، وأن يقول اللهم منك وإليك. (و) أن (يصلي على النبي (ص)) عند ذلك، لأنه محل شرع فيه ذكر الله فشرع فيه ذكر نبيه عليه السلام كالاذان والصلاة، وكرهها في هذه الحالة ابن المنذر وأبو حنيفة وغيرهما، وقالوا لا يذكر إلا الله وحده، وما أحسن قول الحليمي : وحاشا لله أن تكره الصلاة على رسول الله (ص) عند طاعة أو قربة، بل يكره تركها عمدا كما قاله بعض المتأخرين (ولا يقل) أي الذابح والصائد باسم محمد ولا (بسم الله، واسم محمد) ولا باسم الله، ومحمد رسول الله (ص) بالجر، أي لا يجوز له ذلك لايهامه التشريك. قال الرافعي: فإن أراد أذبح باسم الله، وأتبرك باسم محمد، فينبغي أن لا يحرم ذلك، ويحمل إطلاق من نفي الجواز عنه على أنه مكروه، لأن المكروه يصح نفي الجواز المطلق عنه. قال: وقد تنازع جماعة من فقهاء قزوين فيه هل تحل ذبيحته وهل يكفر أو لا؟ والصواب ما بيناه، وقد نص الشافعي على أنه لو قال: أذبح للنبي (ص) أو تقربا له لا يحل أكلها. أما لو قال باسم الله ومحمد رسول الله - برفع محمد - فإنه لا يحرم، بل ولا يكره كما بحثه شيخنا لعدم إيهامه التشريك. قال الزركشي: وهذا ظاهر في النحوي، أما غيره فلا يتجه فيه ذلك.
تنبيه: لا تحل ذبيحة مسلم ولا غيره لغير الله، لأنه مما أهل به لغير الله، بل إن ذبح المسلم لذلك تعظيما وعبادة كفر كما لو سجد له لذلك. قال الروياني: من ذبح للجن وقصد التقرب إلى الله تعالى ليصرف شرهم عنه فهو حلال، وإن قصد الذبح لهم فحرام وإن ذبح للكعبة أو للرسل تعظيما لكونها بيت الله أو لكونهم رسل الله جاز.
قال في الروضة: وإلى هذا المعنى يرجع قول القائل أهديت للحرم أو للكعبة، وتحرم الذبيحة إذا ذبحت تقربا إلى السلطان أو غيره لما مر، فإن قصد الاستبشار بقدومه فلا بأس كذبح العقيقة لولادة المولود، وعد الصيمري من الآداب أن لا يذبح على قارعة الطريق، أي فيكره، وإن قال الغزالي في الاحياء بالتحريم. ثم شرع في الركن الرابع وهو الآلة مترجما لذلك بفصل فقال:
فصل: (يحل ذبح) حيوان (مقدور عليه) بقطع حلقومه ومريئه (و) يحل (جرح) حيوان (غيره) أي المقدور عليه في أي موضع كان منه (بكل محدد) - بفتح الدال الشديدة - أي له حد (يجرح) أي يقطع (كحديد) أي محدد حديد (و) محدد (نحاس) وكذا بقية المعطوفات (وذهب) وفضة ورصاص (وخشب وقصب وحجر وزجاج) لأن ذلك أوحى لازهاق الروح. فإن قيل: قول المصنف يحل ذبح مقدور عليه تبع فيه المحرر وهو تعبير معكوس، والصواب عبارة الروضة وهي المقدور عليه لا يحل إلا بالذبح إلخ. أجيب بأن المراد هنا بيان ما يحل به، وأما كون المقدور عليه لا يحل لا بالذبح فذكره أول الباب بقوله: ذكاة الحيوان المأكول بذبحه في حلق أو لبة إن قدر عليه (إلا ظفرا وسنا وسائر) أي باقي (العظام) متصلا كان أو منفصلا من آدمي أو غيره، لخبر الصحيحين: ما أنهر وذكر اسم الله عليه فكلوه ليس السن والظفر، وسأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة وألحق بذلك باقي العظام، والنهي عن الذبح بالعظام قبل تعبد، وبه قال ابن الصلاح ومال إليه ابن عبد السلام، وقال المصنف في شرح مسلم: معناه لا تذبحوا بها فإنها تنجس بالدم، وقد نهيتم عن تنجسها في الاستنجاء لكونها زاد إخوانكم من الجن، فلو جعل نصل سهم عظما فقتل به صيدا حرم، ومعنى قوله: وأما الظفر فمدى الحبشة أنهم كفار، وقد نهيتم عن التشبه بهم.
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548