مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٠٠
أن يتلفظ بها. فصل: في التسوية بين الخصمين وما يتبعها: (ليسوا) القاضي حتما على الصحيح (بين الخصمين في دخول عليه) فلا يدخل أحدهما قبل الآخر، بل يأذن لهما في الدخول.
تنبيه: الخصم - بفتح الخاء وسكون الصاد - يستوي فيه الواحد والجميع والمذكر والمؤنث، ومن العرب من يثنيه ويجمعه، ومشى المصنف على التثنية هنا، وعلى الجميع في قوله بعد: وإذا ازدحم خصوم. أما الخصم بكسر الصاد، فهو الشديد الخصومة. (و) في (قيام لهما) فيقوم لهما أو يترك. وكره ابن أبي الدم القيام لهما جميعا، لأن أحدهما قد يكون شريفا والآخر وضيعا فإذا قام لهما علم الوضيع أن القيام لأجل خصمه فيزداد الشريف تيها والوضيع كسرا، فترك القيام لهما أقرب إلى العدل، قال: فلو دخل الخصم ذو الهيئة فظن الحاكم أنه ليس بمحاكم فقام له فليقم لخصمه أو يعتذر بأنه قام للأول ولم يشعر بكونه خصما. قال الأذرعي: وينبغي أن يقال إن كان لآخر ممن يقام له قام وإلا اعتذر.
(واستماع) لكلامهما ونذر إليهما. (و) في (طلاقة وجه) لهما (و) في (جواب سلام) منهما إن سلما معا، ولا يرد على أحدهما ويترك الآخر، فإن سلم عليه أحدهما انتظر الآخر أو قال سلم ليجيبهما معا إذا سلم. قال الشيخان: وقد يتوقف في هذا إذا طال الفصل، وكأنهم احتملوا هذا الفصل لئلا يبطل معنى التسوية. فإن قيل: ما ذكراه هنا لا يوافق ما جزما به في السير من أن ابتداء السلام سنة كفاية، فإذا حضر جمع وسلم أحدهم كفى عن الباقيين. أجيب بأنهم ارتكبوا ذلك هنا حذرا من التخصيص وتوهم الميل. (و) في (مجلس) لهما بأن يجلسهما بين يديه أو أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، والجلوس بين يديه أولى. ومثل ما ذكره سائر أنواع الاكرام فلا يخص أحدهما بشئ منهما وإن اختلفا بفضيلة وغيرها. ولا يرتفع الموكل على الوكيل والخصم، لأن الدعوى متعلقة به أيضا بدليل تحليفه إذا وجبت يمين، حكاه ابن الرفعة عن الزبيلي وأقره، قال الأذرعي وغيره: وهو حسن والبلوى به عامة، وقد رأينا من يوكل فرارا من التسوية بينه وبين خصمه. وليقبل على الخصمين بقلبه وعليه السكينة بلا مزح ولا تشاور ولا نهر ولا صياح ما لم يتركا أدبا. ويندب أن يجلسا بين يديه ليتميزا، وليكون استماعه إلى كل منهما أسهل. وإذا جلسا تقاربا إلا أن يكونا رجلا وامرأة غير محرم فيتباعدان. (والأصح) وعبر في الروضة بالصحيح، (رفع مسلم عن ذمي فيه) أي المجلس، كأن يجلس المسلم أقرب إليه من الذمي لما روى البيهقي عن الشعبي قال: خرج علي رضي الله تعالى عنه إلى السوق فإذا هو بنصراني يبيع درعا، فعرفها علي فقال: هذه درعي بيني وبينك قاضي المسلمين، فيأتيا شريحا، فلما رأى القاضي عليا قام من مجلسه وأجلسه وجلس شريح أمامه إلى جنب النصراني، فقال له علي: لو كان خصمي مسلما لجلست معه بين يديك ولكن سمعت رسول الله (ص) يقول: لا تساووهم في المجالس اقض بيني وبينه يا شريح فقال شريح: ما تقول يا أمير المؤمنين؟ فقال: هذه درعي ذهبت مني منذ زمان، فقال شريح: ما تقول يا نصراني؟ فقال: ما أكذب أمير المؤمنين الدرع درعي. فقال شريح لأمير المؤمنين: هل من بينة؟ فقال علي: صدق شريح. فقال النصراني: إني أشهد أن هذه أحكام الأنبياء. ثم أسلم النصراني فأعطاه علي الدرع وحمله على فرس عتيق، قال الشعبي: فقد رأيته يقاتل المشركين عليه. ولان الاسلام يعلو ولا يعلى عليه. والثاني: يسوى بينهما فيه، ويشبه كما في الروضة كأصلها أن يجري ذلك في سائر وجوه الاكرام حتى في التقديم في الدعوى كما بحثه بعضهم، وهو كما قال شيخنا ظاهر إذا قلت الخصوم المسلمون، وإلا فالظاهر خلافه لكثرة ضرر المسلمين.
تنبيه: لم يبين المصنف أن الخلاف في الجواز أو الوجوب، وصرح صاحب التمييز بالوجوب، وهو قياس القاعدة الأغلبية أن ما كان ممنوعا منه إذا جاز وجب كقطع اليد في السرقة. وصرح سليم في المجرد بالجواز، وعبارته التي نقلها ابن شهبة عنه: فلا بأس أن يرفع المسلم. قال الأسنوي: ولو كان أحدهما ذميا والآخر مرتدا، فيتجه تخريجه على التكافؤ في القصاص، والصحيح أن المرتد يقتل بالذمي دون عكسه. وتعجب البلقيني من هذا التخريج، فإن
(٤٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548