مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٨٥
تنبيه: لو حضر إنسان إلى القاضي الجديد وتظلم من المعزول وطلب إحضاره إلى مجلس الحكم لم يبادر بإحضاره بل يقول: ما تريد منه؟ فإن ذكر أنه يدعي عليه دينا أو عينا أحضره. ولا يجوز إحضاره قبل تحقق الدعوى إذ قد لا يكون له حق، وإنما قصد ابتذاله بالحضور. (وإن قال) الشخص (حكم) علي القاضي (بعبدين) أو نحوهما مما لا تقبل شهادته كفاسقين، قال ابن الرفعة: أي وهو يعلم ذلك فإنه لا يجوز وأنا أطالبه بالغرم. (ولم يذكر) رشوة ولا (مالا أحضر) المعزول ليجيب عن دعواه. (وقيل: لا حتى يقيم بينة بدعواه) لأنه كان أمين الشرع. والظاهر من أحكام القضاة جريانها على الصحة فلا يعدل عن الظاهر إلا ببينة. (فإن أحضر) على الوجهين وادعى عليه (وأنكر) بأن قال: لم أحكم عليه أصلا، أو: لم أحكم إلا بشهادة حرين، (صدق بلا يمين في الأصح) لأنه أمين الشرع فيصان منصبه عن الحلف والابتذال بالمنازعات. (قلت: الأصح يمين، والله أعلم) لعموم قوله (ص):
واليمين على من أنكر ولان أقصى درجات المعزل أن يكون مؤتمنا، والمؤتمن كالمودع يحلف. قال الزركشي:
وقد اختلف تصحيح المصنف، فقد صحح الأول في الروضة، والصواب ما صححه هنا فإنه المنصوص. قال الفارقي:
محل الخلاف إذا علم الشاهدان وإلا فينظر فيهما ليعرف حالهما. قال الغزي: وهو متجه في العبد دون الفسقة، لأن الفسق قد يطرأ على العبد اه‍. وهو ظاهر. (ولو ادعي) بالبناء للمفعول، (على قاض) حال ولايته، (جور في حكم) أو ادعى على شاهد زور، وأريد تحليفه كما سيأتي في الدعاوى، (لم يسمع ذلك، ويشترط بينة) به فلا يحلف فيه واحد منهما لأنهما أمينان شرعا، ولو فتح باب التحليف لاشتد الامر ورغب الناس عن القضاء والشهادة، قال الزركشي: وهذا إذا كان موثوقا به وإلا حلف. وقال الأذرعي: قولهم في توجيه منع التحليف أنه لو حلف الخ أن ذلك مبني على كمال القاضي ووجود أهليته التامة، ونحن نقطع بأن غالب من يلي القضاء في عصرنا لو حلف الواحد كل يوم سبعين مرة على عدم جوره في الحكم وارتشائه لم يرده ذلك عن الحرص على القضاء ودوام ولايته مع ذلك، بل يشتد حرصه وتهافته عليه وطلبه هو وغيره، فإنا لله وإنا إليه راجعون اه‍. هذا في زمانه، فلو أدرك زماننا، فإن قيل: كيف تشترط البينة مع عدم سماع الدعوى؟ أجيب بأن المراد لم تسمع الدعوى لقصد تحليفه وإن سمعت لأجل البينة، فإن كانت له بينة سمعت لا محالة. (وإن لم تتعلق) تلك الدعوى على قاض (بحكمه) بل يخاصمه نفسه، (حكم بينهما) فيها (خليفته، أو) قاض آخر (غيره) كآحاد الرعايا. قال السبكي: هذا إن كانت الدعوى بما لا يقدح فيه ولا يخل بمنصبه ولا يوجب عزله، وإلا فاقطع بأن الدعوى لا تسمع ولا يحلف ولا طريق للمدعي حينئذ إلا البينة. ثم قال: بل أقول لكل من ثبتت عدالته وادعي عليه بدعوى ينبغي للقاضي أن ينظر فيها وفي إنكار ذلك العدل بها، فإن كان يمكن أن يكون عن سهو وغفلة أو اجتهاد وتأويل ونحوه بحيث لا يخل بعدالته فيسمعها ويقبلها بيمين كغيرها إلا أن يظهر له من المدعى تعنت فيدفعه، وإن كان إنكاره لا يمكن أن يكون إلا قادحا فيه فينبغي أن لا يسمع دعوى المدعي في ذلك وطلب تحليفه إلا أن يأتي ببينة، وذلك لأن ما يدعيه والحالة هذه مخالف لما ثبت من عدالته، وله طريق وهو البينة.
تتمة ليس لأحد أن يدعي على متول في محل ولايته عند قاض أنه حكم بكذا، فإن كان في غير محلها أو معزولا سمعت ولا يحلف، ذكره في الروضة وأصلها، فما تقرر في المعزول مخالف لما صححه هنا كما مر.
فصل: في آداب القضاء وغيرها: (ليكتب الإمام) ندبا (لمن يوليه) القضاء ببلد ما فوضه إليه في كتاب،
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548