مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٨٢
مع أن تصرف الوكيل أضعف من تصرف القاضي. واحترز المصنف بالإمام عن القاضي مع خليفته فله عزله بلا موجب بناء على انعزاله بموته كما قاله الماوردي والسبكي، وإن خالف فيه البلقيني. وأفهم قوله: وللإمام أنه ليس للقاضي عزل نفسه، وليس مرادا بل له عزل نفسه كالوكيل كما جزم به في الروضة وأصلها، قال الشيخ أبو علي: إلا إن تعين عليه فلا يعزل نفسه، قال ابن عبد السلام: ولا ينعزل.
تنبيه: ما ذكره المصنف من جواز العزل محله في الامر العام، أما الخاص فقال الزركشي نقلا عن إفتاء جمع متأخرين: ولا ينعزل أرباب الوظائف الخاصة كالإمامة والاذان والتصرف والتدريس والطلب والنظر بالعزل من غير سبب إلا أن يكون في شرط الواقف ما يقتضيه، وقاسه على الجند المثبتين في الديوان. وفيه كلام للسبكي ذكرته في باب الوقف. (والمذهب أنه) أي القاضي، (لا ينعزل قبل بلوغه خبر عزله) وفي قوله من الطريق الثاني أنه ينعزل كأرجح القولين في الوكيل. والفرق بينهما على الأول عظم الضرر في نقض أقضيته بعد العزل وقبل بلوغ الخبر، بخلاف الوكيل. ولو علم الخصم أنه معزول لم ينفذ حكمه له لعلمه أنه غير حاكم باطنا، ذكره الماوردي في النكاح. نعم لو رضي بحكمه كان كالتحكيم.
تنبيه: لم يتعرضوا لما يحصل به بلوغ خبر العزل، قال الزركشي: ينبغي إلحاق ذلك بخبر التولية، أي تولية القضاء، بل أولى حتى يعتبر شاهدان، وتكفي الاستفاضة، ولا يكفي الكتاب المجرد في الأصح فيهما. وقال الأذرعي: الظاهر أنه يكفي خبر عدل واحد، ولو عبدا وامرأة اه‍. وهذا هو الظاهر. ويفرق بين التولية والعزل، بأن التولية فيها إقدام على الأحكام فيحتاط لها، والعزل فيه توقف عنها، وهو أحوط. قال البلقيني: ولو بلغه الخبر ولم يبلغ نوابه لا ينعزلون حتى يبلغهم الخبر وتبقى ولاية أصلهم مستمرة حكما وإن لم ينفذ حكمه، ويستمر ما رتب له على سد الوظيفة لسدها بنوابه. قال: والقياس في عكسه - أي فيما لو بلغ النائب قبل أصله - أن النائب لا ينعزل حتى يبلغ أصله خبر العزل وينفذ حكمه كما ينفذ حكم أصله. قال: ولم أر من تعرض له اه‍. وما قاله ظاهر في الأول ممنوع في العكس، لأن النائب دخل في عموم كلام الأصحاب حتى يبلغه الخبر والنائب قاض فينعزل ببلوغ الخبر كما جرى عليه شيخنا في بعض كتبه. ولو ولى السلطان قاضيا ببلد فحكم ذلك القاضي ولم يعلم أن السلطان ولاه، قال الزركشي: فيحتمل أن ينفذ حكمه، كما لو وكل وكيلا ببيع شئ فتصرف الوكيل وباعه ثم علم بالوكالة، فإن الشيخ أبا حامد وغيره قالوا: هو على الخلاف فيما لو باع مال أبيه ظانا حياته فبان ميتا اه‍. والظاهر عدم نفوذ حكمه لاشتراط قبول من القاضي وأخذا مما بحثه في قاض أقدم على تزويج امرأة يعتقد أنها في غير محل ولايته ثم ظهر أنها بمحل ولايته من أنه لا يصح، قال: لأنه بالاقدام يفسق ويخرج عن الولاية. (وإذا) علق الإمام عزل القاضي بقراءة كتاب، كأن (كتب الإمام إليه إذا قرأت كتابي فأنت معزول فقرأه انعزل) لوجود الصفة، وكذا لو طالعه وفهم ما فيه ولم يتلفظ، (وكذا إن قرئ عليه في الأصح) لأن القصد إعلامه بالعزل لا قراءته بنفسه. والثاني: لا ينعزل نظرا إلى صورة اللفظ. ولو كتب إليه عزلتك أو أنت معزول من غير تعليق على القراءة لم ينعزل ما لم يأته الكتاب كما قاله البغوي وغيره.
تنبيه: لو جاءه بعض الكتاب فقياس ما قالوه في الطلاق أنه إن انمحى موضع العزل لا ينعزل وإلا انعزل. ثم شرع في بيان انعزال نواب القاضي، فقال: (وينعزل بموته) أي القاضي، (وانعزاله) نائبه المقيد، وهو كل (من أذن له في شغل معين كبيع مال ميت) أو غائب وسماع شهادة في حادثة وغير ذلك من القضايا الجزئية كالوكيل. والمراد إذا علم بذلك كما يعلم مما مر، وصرح به ابن سراقة وفي الروضة وأصلها عن السرخسي: أن الإمام لو نصب نائبا عن القاضي لا ينعزل بموت القاضي وانعزاله. قال الرافعي: ويجوز أن يقال إذا كان الاذن مقيدا بالنيابة ولم يبق الأصل لم
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548