مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٨١
أو عجز عن النهضة دون الحكم لم ينعزل، قاله الماوردي. الرابع: لو أنكر كونه قاضيا، ففي البحر ينعزل، ومحله كما قال الزركشي إذا تعمد ولا غرض له في الاخفاء. الخامس: لو أنكر الإمام كونه قاضيا لم ينعزل كما بحثه بعض المتأخرين.
(وكذا لو فسق) لم ينفذ حكمه، وينعزل (في الأصح) لوجود المنافي للولاية. والثاني: ينفذ كالإمام الأعظم. وفرق الأول بحدوث الفتن واضطراب الأمور.
تنبيه: هذه المسألة مكررة لتقدمها في فصل الايصاء، إلا أن يقال ذكرت هناك للانعزال وهنا لعدم نفوذ الحكم، ولهذا لم يتعرض للانعزال، وإن كنت قدرته في كلامه.
تنبيه: محل ذلك في غير قاضي الضرورة، أما هو إذا ولاه ذو شوكة والقاضي فاسق فزاد فسقه، فلا ينعزل كما بحثه بعض المتأخرين. فإن قيل: فاقد الطهورين إذا أحدث بعد إحرامه تبطل صلاته على الراجح فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن صلاته إنما بطلت لشمول النص لها، وهو حتى يجد ريحا أو يسمع صونا. ثم أشار المصنف رحمه الله تعالى لفرع من قاعدة أن الزائل العائد كالذي لم يعد بقوله: (فإن زالت هذه الأحوال) السابقة من جنون وما بعده ثم عادت الأهلية، (لم تعد ولايته) بلا تولية (في الأصح) كالوكالة، ولان الشئ إذا بطل لم ينقلب إلى الصحة بنفسه، وإن زال المانع كالبيع ونحوه. والثاني: تعود من غير استئناف تولية كالأب إذا جن ثم أفاق أو فسق ثم تاب.
تنبيه: لو زالت أهلية الناظر على الوقف ثم عادت، فإن كان نظره مشروطا في أصل الوقف عادة ولايته جزما كما أفتى به المصنف لقوته، إذ ليس لأحد عزله، وإلا فلا يعود إلا بتوليه جديدة. (و) يجوز (للإمام عزل قاض ظهر منه خلل) لا يقتضي انعزاله، ويكفي فيه غلبة الظن كما في أصل الروضة عن الوسط، وجزم به في الشرح الصغير. ومن الظن كثرة الشكاوى منه، بل قال ابن عبد السلام: إذا كثرت الشكاوى منه وجب عزله اه‍. وهذا ظاهر. وقد روى أبو داود: أن النبي صلى الله عليه وسلم عزل إماما يصلي بقوم بصق في القبلة وقال: لا يصلي بهم بعدها أبدا. وإذا جاز هذا في إمام الصلاة جاز في القاضي، بل أولى. نعم إن كان متعينا للقضاء لم يجز عزله، ولو عزله لم ينعزل. أما ظهور خلل يقتضي انعزاله، فلا يحتاج فيه إلى عزل لانعزاله به. (أولم يظهر) منه خلل، (و) لكن (هناك) من هو (أفضل منه) تحصيلا لتلك المزية للمسلمين. ولا يجب ذلك، وإن قلنا: إن ولاية المفضول لا تنعقد مع وجود الفاضل، لأن الولاية قد تمت فلا يقدح فيها ما يحدث. (أو) كان هناك (مثله) أي أو دونه، (و) لكن (في عزله به) للمسلمين (مصلحة كتسكين فتنة) لما فيه من المصلحة للمسلمين، (وإلا) بأن لم يكن في عزله مصلحة (فلا) يجوز عزله، لأنه عبث وتصرف الإمام يصان عنه. وهذا قيد في المثل لا في الأفضل، وقيده في المحرر أيضا بعدم الفتنة في عزله، فقال: أو مثله.
وفي عزله به للمسلمين مصلحة وليس في عزله فتنة. ولا يستغنى عنه بقوله وفي عزله به مصلحة فقد يكون الشئ مصلحة من وجه آخر، و (لكن ينفذ العزل في الأصح) مراعاة لطاعة الإمام. والثاني: لا، لأنه لا خلل في الأول ولا مصلحة في عزله. أما إذا لم يوجد هناك من يصلح للقضاء غيره فإنه لا ينعزل، ومتى كان العزل في محل النظر واحتمل أن يكون فيه مصلحة فلا اعتراض على الإمام فيه وبحكم نفوذه. ولو ولى الإمام قاضيا ظانا موت القاضي الأول أو فسقه فبان حيا أو عدلا لم يقدح في ولاية الثاني، كذا قالاه، وقضيته كما قال الأذرعي انعزاله الأول بالثاني لأنه أقامه مقامه لا أنه ضمه إليه، وبه صرح البغوي في تعليقه. وقضية كلام القفال عدم انعزاله، والأول أوجه. وفي بعض الشروح أن تولية قاض بعد قاضي هل هي عزل للأول؟ وجهان، وليكونا مبنيين على أنه هل يجوز أن يكون في بلد قاضيان اه‍. قال الزركشي:
والراجح أنها ليست بعزل. وقد ذكر في الروضة في الوكالة أنه لو وكل شخصا ثم وكل آخر فليس بعزل للأول قطعا
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548