مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٨٦
لأن النبي (ص) كتب لعمرو بن حزم لما بعثه إلى اليمن وهو ابن سبع عشرة سنة رواه أصحاب السنن، ولان أبا بكر كتب لانس لما بعثه إلى البحرين وختم بخاتم رسول الله (ص)، رواه البخاري. ولم يجب ذلك لأنه (ص) لم يكتب لمعاذ، بل اقتصر على وصيته. وإذا كتب إليه كتاب العهد بالولاية ذكر في الكتاب ما يحتاج القاضي إلى القيام به ويعظه فيه ويعظمه ويوصيه بتقوى الله تعالى، ومشاورة أهل العلم، وتفقد الشهود وغير ذلك. وفي معنى الإمام القاضي الكبير إذا استخلف في أعماله البعيدة. قال الصيمري: وينبغي للإمام أن يسلم كتاب عهده إليه بحضرته خوفا من الزيادة فيه والنقصان ويقول له: هذا عهدي وحجتي عند الله. (ويشهد) ندبا (بالكتاب) أي المكتوب بما تضمنه من التولية، (شاهدين يخرجان معه إلى البلد) الذي تولاه قرب أو بعد، (يخبران) أهل البلد (بالحال) من التولية وغيرها، وعبارة التنبيه: وأشهد على التولية شاهدين، وهي أولى من عبارة الكتاب، إذ الاعتماد على التولية دون الكتاب. وعند إشهادهما يقرآن الكتاب أو يقرأه الإمام عليهما، فإذا قرأه الإمام، قال في البحر: لا يحتاج الشاهدان إلى أن ينظرا في الكتاب، وإن قرأه غير الإمام فالأحوط أن ينظر الشاهدان فيه ليعلما أن الامر على ما قرأه القارئ من غير زيادة ولا نقصان. ولو أشهد ولم يكتب كفى فإن الاعتماد على الشهود، فإذا أخبروا أهل البلد لزمهم طاعته.
تنبيه: أشار بقوله: يخبران إلى أنه لا يشترط لفظ الشهادة عند أهل ذلك البلد، وهو كذلك كما نقله في الروضة عن الأصحاب من أن هذه الشهادة ليست على قواعد الشهادات، إذ ليس هناك قاض تؤدى عنده الشهادة. قال الزركشي:
وقضية ذلك أنه لو كان هناك قاض آخر كما جرت به العادة في بعض البلاد من نصب أتباع المذاهب الأربعة اعتبار حقيقة الشهادة ولا شك فيه. وقال البلقيني: عندي أنه إذا كان المدار على الاخبار فإنه ليس على قواعد الشهادات فينبغي أن يكتفي بواحد لأن هذا من باب الخبر، قال: ولم أر من تعرض لذلك اه‍. والظاهر هو إطلاق كلام الأصحاب. (وتكفي) بمثناة فوقية، عن أخبارهما بالتولية، (الاستفاضة) بها (في الأصح) لحصول المقصود، ولم ينقل عنه (ص ) ولا عن الخلفاء الراشدين الاشهاد. والثاني: المنع، لأن العقود لا تثبت بالاستفاضة كالبيع والإجارة.
تنبيه: ظاهر كلامه تبعا للمحرر جريان الخلاف ولو كان البلد بعيدا، وهو كذلك. ومنهم من ذكره في البلد القريب، وليس للتقييد كما دل عليه كلام الروضة وأصلها. (لا مجرد كتاب) بها بلا إشهاد أو استفاضة، فلا يكفي (على المذهب) لامكان التزوير. وفي وجه من الطريق الثاني: يكفي، لبعد الجراءة في مثل ذلك على الإمام.
تنبيه: أفهم كلامه أنه لا يكفي مجرد إخبار القاضي لهم، ولا خلاف في ذلك إن لم يصدقوه، فإن صدقوه ففي وجوب طاعته وجهان. وقياس ما قالوه في الوكالة عدم وجوبها، لأن الإمام لو أنكر توليته كان القول قوله. قال الأذرعي: لعل وجوبها أشبه، وفي الآثار والاخبار ما يعضده، أي ولأنهم اعترفوا بحق عليهم. (ويبحث) برفع المثلثة، (القاضي) قبل دخوله بلد التولية الذي لا يعرف من فيه، (عن حال علماء البلد وعدوله) والمزكين سرا وعلانية ليدخل على بصيرة بحال من فيه، لأنه لا بد له منهم فيسأل عن ذلك قبل الخروج، فإن لم يتيسر ففي الطريق، فإن لم يتيسر فحين يدخل.
تنبيه: يندب إذا ولي أن يدعوا أصدقاءه الامناء ليعلموه عيوبه فيسعى في زوالها كما ذكره الرافعي آخر الباب الثاني في جامع أدب القضاء. (ويدخل يوم الاثنين) صبيحته، لأنه (ص) دخل المدينة فيه حين اشتد الضحى. فإن تعسر فالخميس، وإلا فالسبت. وأن يدخل في عمامة سوداء، ففي مسلم: أنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح بها، ولأنه أهيب له. قال المصنف: ويستحب لمن كان له وظيفة من وظائف الخير كقراءة قرآن أو حديث أو ذكر أو صنعة من الصنائع أو عمل من الأعمال أن يفعل ذلك أول النهار إن أمكنه، وكذلك من
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548