مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٣٣
في الشرع فيما لو عاد البلد من البغاة إلينا (لو ادعى) بعض أهله (دفع زكاة إلى البغاة صدق) بلا يمين إن لم يتهم و (بيمينه) إن اتهم لبنائها على المواساة، والمسلم مؤتمن في أمر دينه.
تنبيه: اليمين هنا مستحبة على الأصح كما في زيادة الروضة في الزكاة وإن صحح في تصحيح التنبيه هنا أنها واجبة، وجرى عليه الدميري (أو) ذمي ادعى دفع (جزية فلا) يصدق بيمينه (على الصحيح) لأنها عوض عن السكن، فأشبه ما لو ادعى المستأجر دفع الأجرة. والثاني بصدق كالمزكى، وفرق الأول بأن الذمي غير مؤتمن فيما يدعيه على المسلمين للعداوة الظاهرة (وكذا خراج) لأرض دفعه المسلم كما قاله الماوردي لقاضي البغاة: لا يصدق في دفعه (في الأصح) لأنه أجرة والثاني يصدق كالزكاة، أما الكافر إذا ادعى دفع الخراج فلا يصدق جزءا (ويصدق) الشخص (في) إقامة (حد) أنه أقيم عليه. قال الماوردي: بلا يمين، لأن الحدود تدرأ بالشبهات (إلا أن يثبت) الحد (ببينة، و) الحال أنه (لا أثر له) أي الحد (في البدن) فلا يصدق في ذلك (والله أعلم) لأن الأصل عدم إقامته ولا قرينة تدفعه، والفرق بين ثبوته بالبينة دون الاقرار أن المقر بالحد لو رجع قبل رجوعه وإنكاره بقاء الحد عليه في معنى الرجوع.
تنبيه: كان ينبغي للمصنف أن يذكر هذه الزيادة قبل الكلام على أحكام الإمامة.
خاتمة: لا ينعزل إمام أسره كفار أو بغاة لهم إمام إلا إن وقع اليأس ولم يعد إلى إمامته، وإن لم يكن للبغاة إمام لم ينعزل الإمام المأسور، وإن وقع اليأس من خلاصه ويستنيب عن نفسه إن قدر على الاستنابة وإلا استنيب عنه فلو خلع الإمام نفسه أو مات لم يصر المستناب إماما. قال الدميري: كان المعتصم بالله يدعى المثمن، لأنه كان ثامن خلفاء بني العباس، ولد سنة ثمان ومائة لثمان عشرة خلت من شعبان، وهو الشهر الثامن من السنة، وفتح ثمان فتوحات، ووقف ثمانية ملوك وثمانية أعداء ببابه، وعاش ثمانية وأربعين سنة، وكانت خلافته ثمان سنين وثمانية أيام، وخلف ثمان بنين وثمان بنات، وثمانية آلاف دينار، وثمانية آلاف درهم، وثمانية آلاف فرس، وثمانية آلاف بعير وبغل ودابة. وثمانية آلاف خيمة وثمانية آلاف عبد، وثمانية آلاف أمة وثمانية قصور، وكان نقش خاتمه:
الحمد لله، وهي ثمانية أحرف، وكانت عدد غلمانه الأتراك ثمانية عشر ألفا.
كتاب الردة أعاذنا الله تعالى منها (هي) لغة الرجوع عن الشئ إلى غيره، وهي أفحش الكفر وأغلظه حكما، محبطة للعمل إن اتصلت بالموت. قال الله تعالى * (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر) * الآية، وإن عاد إلى الاسلام لم يجب عليه أن يعيد حجه الذي حجه قبل الردة خلافا لأبي حنيفة، هذا ما ذكره الأصحاب وجرى عليه الشيخان. ونقل في المهمات عن نص الشافعي رحمه الله تعالى حبوط ثواب الأعمال بمجرد الردة، وقال إنه من مذهب الشافعي، ثم قال:
وهذه مسألة نفيسة مهمة غفل عنها الأصحاب اه‍. وليس في هذا مخالفة لكلامهم، فإن كلامهم أن الردة لا تحبط نفس العمل بدليل أنهم جعلوه مأخذ الخلاف بيننا وبين الحنفية في لزوم الحج بعد الردة حبوط العمل وكلام النص في حبوط ثواب العمل، وهي مسألة أخرى، ولا يلزم من سقوط ثواب العمل بدليل أن الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة مسقطة للقضاء مع كونها لا ثواب فيها عند أكثر العلماء. وشرعا (قطع) استمرار (الاسلام) ودوامه، ويحصل
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548