مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٣٨
أسلم معاملة لأقواله معاملة الصاحي.
تنبيه: قضية الاعتداد بإسلامه في السكر أنه لا يحتاج إلى تجديد بعد الإفاقة وليس مرادا، فقد حكى ابن الصباغ عن النص أنه إذا أفاق عرضنا عليه الاسلام، فإن وصفه كان مسلما من حين وصف الاسلام، وإن وصف الكفر كان كافرا من الآن لأن إسلامه صح، فإن لم يتب قتل (وتقبل الشهادة بالردة مطلقا) أي على وجه الاطلاق ويقضى بها من غير تفصيل كما في الروضة وأصلها تبعا للإمام، لأن الردة لخطرها لا يقدم الشاهد بها إلا عن بصيرة (وقيل يجب التفصيل) أي استفسار الشاهد بها لاختلاف المذاهب في التكفير، والحكم بالردة عظيم فيحتاط له. قال الأذرعي: هذا هو المذهب الذي يجب القطع به. وقال الأسنوي: إنه المعروف عقلا ونقلا، قال: وما نقل عن الإمام بحث له. وقال الدميري: والذي صححه الرافعي تبع فيه الإمام وهو لم ينقله عن أحد، وإنما هو من تخريجه. فإن قيل: يدل على التفصيل ما قالاه فيمن مات عن ابنين مسلمين، فقال أحدهما: ارتد فمات كافرا أن الأظهر أنه لا بد من بيان سبب كفره خلافا لما جرى عليه المصنف من عدم التفصيل كما سيأتي، لأنه قد لا يتوهم ما ليس بكفر كفرا.
أجيب بأنه هنا حي يمكنه أن يأتي بالشهادتين بخلافه بعد الموت، ولهذا قال بعضهم: ولما كانت الشهادة عند من يقبل التوبة ك الشافعي قبلت مطلقة، ثم يقول له القاضي تلفظ بالشهادتين ولا حاجة إلى السؤال عن السبب، فإن امتنع كان امتناعه قرينة لا يحتاج الشاهد معها إلى ذكر السبب، وإن كان عند من لا يقبل التوبة كالمالكي فلا تقبل إلا مفصلة، واعترض بأنه وإن كان عند من يقبل التوبة فيبقى فيه عار على الانسان، وبهذا يرد على الجواب المتقدم، وحينئذ فلا بد من التفصيل وهو كما قال شيخنا أوجه.
تنبيه: محل الخلاف كما قال البلقيني: إذا شهدا بأنه ارتد عن الايمان، فلو شهد بأنه ارتد ولم يقولا عن الايمان أو قالا كفر ولم يقولا بالله لم تقبل هذه الشهادة قطعا (فعلى الأول) وهو قبولها مطلقا (لو شهدوا) المراد اثنان فأكثر على شخص (بردة) ولم يفصلوا (فأنكر) المشهود عليه (حكم) عليه (بالشهادة) ولا ينفعه إنكاره، بل يلزمه أن يأتي بما يصير به الكافر مسلما، لأن الحجة قامت والتكذيب والانكار لا يرفعه كما لو قامت البينة بالزنا فأنكره أو كذبهم لم يسقط عنه الحد، فإن أتى بما يصيره مسلما قبل الحكم امتنع الحكم بالشهادة بالردة كما نص عليه الشافعي رضي الله تعالى عنه، ولكن يحكم عليه بما يترتب عليها من بينونة زوجاته إذا كان قبل الدخول بهن أو بعده وانقضت العدة، وهل ينعزل عن وظائفه التي يعتبر فيها الاسلام أو لا؟ خلاف الظاهر الأول.
تنبيه: شمل قوله: شهدوا بردة ما إذا شهدوا على إنشائه أو إقراره بالزنا فأنكره، لأنه لو أقر بهما ثم رجع قبل رجوعه، وقوله: فعلى الأول لا يختص بالأول، بل الحكم كذلك إذا شرطنا التفصيل، فكان ينبغي للمصنف أن يقول فعلى القولين أو يطلق التفريع، ولو لم تقم عليه بينة فطلب المدعى عليه من القاضي الحكم بعصمة دمه خوفا من أن تقوم عليه بينة زور عند من لا يرى قبول توبته فللقاضي تجديد إسلامه والحكم بعصمة دمه كما أفتى به جمع من المتأخرين وصوبه، وإن قال ابن دقيق العيد: ليس للحاكم ذلك إلا بعد اعترافه أو إقامة بينه عليه. وهل يجوز للشافعي مثلا أن يشهد بالكفر أو بالتعرض بالقذف أو بما يوجب التعزير عند من يعلم أنه لا يقبل التوبة ويحد بالتعريض ويعزر بأبلغ ما يوجبه الشافعي، والظاهر كما قال الزركشي المنع، فإن علم الشاهد أن لسانه سبق إلى كلمة كفر ولم يقصد ذلك، فلا يحل له أن يشهد عليه قطعا، وقد حكى الرافعي مثله من الطلاق. (فلو) صدق شخص من شهد عليه بردة ولكن (قال: كنت مكرها واقتضته قرينة) مشعرة بذلك (كأسر كفار) له (صدق بيمينه) عملا بالقرينة المشعرة بذلك، وإنما حلف لاحتمال أنه كان مختارا، والظاهر كما قال الزركشي: أن هذه اليمين مستحبة (وإلا) بأن لم تقتضه
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548