مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٠٠
فيؤخذ من كل منهم حصته من غير تخصيص أحد منهم لشمول جهة التحمل لهم، وإن قلوا أو كثر الواجب لم يزد القسط لتضررهم بذلك.
تنبيه: إنما اعتبر مقدار نصف الدينار وربعه لا عينهما، لأن الإبل هي الواجبة، وما يؤخذ بعد تمام الحول من نصف وربع يصرف إليها، وللمستحق أن لا يأخذ غيرها لما مر، والدعوى بالدية المأخوذة من العاقلة لا تتوجه عليهم، بل على الجاني نفسه، ثم هم يدفعونها بعد ثبوتها كما قاله ابن القاص في أدب القضاء، وهو مقتضى كلام الرافعي فيه أيضا (و) الغني والمتوسط (يعتبران آخر الحول) لأنه حق مالي متعلق بالحول على جهة المواساة فاعتبر بآخره كالزكاة فلا يؤثر الغني وضده قبله ولا بعده، فلو أيسر آخره ولم يؤد ثم أعسر ثبت دينا في ذمته (ومن أعسر فيه) أي آخر الحول (سقط) أراد لم يلزمه شئ لأنه ليس أهلا للمواساة بخلاف الجزية، لأنها كالأجرة لسكني دار الاسلام. قال الماوردي:
ولو ادعى الفقر بعد الغنى حلف ولا يكلف البينة لأنه إنما يتحمل بعد العلم بغناه ومن كان الحول ناقصا برق أو كفر أو جنون أو صبا وصار في آخره بصفة الكمال لم يؤخذ منه شئ في ذلك الحول ولا فيما بعده. قال الرافعي:
لأنهم ليسوا أهلا للنصرة بالبدن في الابتداء فلا يكلفون النصرة بالمال في الانتهاء والمعسر كامل أهل للنصرة وإنما يعتبر المال ليتمكن في الأداء فيعتبر وقته.
ولما فرغ مما يجب الحر شرع فيما يجب بجناية غيره مترجما لذلك بفصل فقال:
فصل: في جناية الرقيق: (مال جناية العبد) الموجبة للمال بأن كانت غير عمد أو عمد أو عفا الأول مال (يتعلق برقبته) بالاجماع كما حكاه البيهقي إذ لا يمكن إلزامه لسيده لأنه إضرار به مع براءته، ولا أن يكون في ذمة العبد إلى عتقه للاضرار بالمستحق بخلاف معاملة غيره له لرضاه بذمته، فالتعلق برقبته طريق وسط في رعاية الجانبين ولا يجب على عاقلة سيده لأنها وردت في الحر على خلاف الأصل، وفارق جناية البهيمة حيث يضمنها مالكها إذا قصر لأن للآدمي اختيار.
تنبيه: معنى التعلق بالرقبة أن يباع، ويصرف ثمنه إلى الجناية، ولا يملكه المجني عليه بنفس الجناية وإن كانت قيمته أقل من أرشها لما فيه من إبطال حق السيد من التمكن من الفداء، ويستثنى من التعلق بالرقبة جناية غير المميز والأعجمي الذي يعتقد طاعة آمره بأمر سيده أو غيره فإنها تكون على الامر، ولا يتعلق الضمان برقبته على الأصح كما ذكراه في الرهن والمبعض يجب عليه من واجب جنايته بنسبة حريته وباقيه من الرق يتعلق به باقي واجب الجناية فيفديه السيد بأقل الامرين من حصتي واجبها والقيمة كما يعلم مما يأتي (ولسيده) ولو بنائبه (بيعه لها) أي الجناية، ولا بد من إذن المستحق ولو كان البيع بعد اختيار الفداء، وله تسليمه ليباع فيها، ولا يباع منه أكثر من أرش الجناية إلا بإذن سيده أو ضرورة كأن لم يجد من يشتري بعضه، ويتعلق الأرش بجميع رقبته إن كان بقدر قيمتها أو أكثر، وكذا إن كان أقل على ظاهر النص ولو أبرأ المستحق عن بعض الواجب انفك من العبد بقسطه على الأصح كما ذكره الرافعي في دوريات الوصايا. واستشكل بأن تعلق الرهن بالمرهون دون تعلق المجني عليه برقبة العبد ومع ذلك لو أبرأ المرتهن عن بعض الدين لم ينفك شئ من الرهن، وقد يفرق بأن التعليق الجعلي أقوى من الشرعي (و) أيضا (فداؤه) فيتخير بين الامرين فإن اختار الفداء فيفديه في الجديد (بالأقل من قيمته وأرشها) لأن الأقل إن كان القيمة فليس عليه غير تسليم الرقبة وهي بدلها، أو الأرش فهو الواجب، وتعتبر القيمة يوم الجناية كما حكي عن النص، وجرى عليه ابن المقري في روضه لنوجه طلب الفداء فيه، ولأنه يوم تعلقها اعتبر القفال يوم الفداء، لأن النقص قبله لا يلزم السيد بدليل ما لو مات العبد قبل اختيار الفداء، وحمل النص على ما لو منع بيعه حال الجناية ثم نقصت القيمة، وجرى على هذا ابن المقري في إرشاده وشرحه، وهذا كما قال الزركشي هو المتجه
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548