مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٩٤
شدقه في حكمه للزبير، ولا يجوز تركه إن كان لآدمي عند طلبه كالقصاص كما جرى عليه الحاوي الصغير ومختصره خلافا لما رجحه ابن المقري من أن له ذلك، ويعزر من وافق الكفار في أعيادهم، ومن يمسك الحية ويدخل النار، ومن قال لذمي يا حاج، ومن هنأه بعيده، ومن سمى زائر قبور الصالحين حاجا، والساعي بالنميمة لكثرة إفسادها بين الناس.
قال يحيى بن أبي كثير: يفسد النمام في ساعة ما لا يفسده الساحر في السنة، ولا يجوز للإمام العفو عن الحد، ولا تجوز الشفاعة فيه، لقوله (ص): لعن الله الشافع والمشفع، وفي البيهقي عن ابن عمر أن النبي (ص) قال من حالت شفاعته دون حد من حدود الله تعالى فقد ضاد الله في حكمه وتسن الشفاعة الحسنة إلى ولاة الأمور من أصحاب الحقوق ما لم يكن في حد أو أمر لا يجوز تركه كالشفاعة إلى ناظر يتيم أو وقف في ترك بعض الحقوق التي في ولايته، فهذه شفاعة سوء محرمة، واستدل للشفاعة الحسنة بقوله تعالى * (من يشفع شفاعة حسنة) * الآية، وبما في الصحيحين عن أبي موسى أن النبي (ص) كان إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه، وقال: اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء.
كتاب الصيال هو والمصاولة: الاستطالة والوثوب، والصائل الظالم (وضمان الولاة) وأدرج المصنف في الباب حكم الختان وإتلاف البهائم، وعقد في الروضة لاتلاف البهائم بابا، وذكر حكم الختان في باب ضمان إتلاف الإمام. والأصل في الباب قوله تعالى: * (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) *. وافتتحه في المحرر بخبر البخاري: انصر أخاك ظالما أو مظلوما والصائل ظالم فيمنع من ظلمه لأن ذلك نصره.
(له) أي المصول عليه (دفع كل صائل) مسلما كان أو كافرا عاقلا أو مجنونا بالغا أو صغيرا قريبا أو أجنبيا آدميا أو غيره (على) معصوم من (نفس أو طرف) أو منفعة (أو بضع أو مال) لخبر: من قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد رواه أبو داود والترمذي وصححه. ووجه الدلالة أنه لما جعله شهيدا دل على أن له القتل والقتال، كما أن من قتله أهل الحرب لما كان شهيدا كان له القتل والقتال.
تنبيه: في معنى البضع من قصد الاستمتاع بأهله فيما دون الفرج كالقبلة، وألحق الروياني الأخت والبنت بالزوجة. وشمل قوله أو مال الكثير والقليل كدرهم. فإن قيل: كيف يكون المقدر في السرقة أكثر وما فيه سوى قطع الطرف، وقد يؤدي الدفع إلى هلاك النفس وهو أعظم والمال فيه قليل؟ أجيب بأن قطع الطرف محقق، فاعتبر فيه ذلك بخلاف هلاك النفس ومال نفسه ومال غيره، ويستثنى من جواز الدفع عن المال ما لو صال مكرها على إتلاف مال غيره لم يجز دفعه، بل يلزم المالك أن بقي روحه بمال كما يناوله المضطر طعامه كما ذكره الرافعي قبيل الديات ولكل منهما دفع المكره، وتعبيره بالمال قد يخرج ما ليس بمال كالكلب المقتنى والسرجين، وقضية كلام الماوردي وغيره إلحاقه به وهو الظاهر، وله دفع مسلم عن ذمي ووالد عن ولده وسيد عن عبده لأنهم معصومون، ولو صال قوم على النفس والبضع والمال قدم الدفع عن النفس على الدفع عن البضع والمال، والدفع عن البضع على الدفع عن المال، والمال الكثير على الحقير. ولو صال اثنان على متساويين في نفسين أو بضعين أو مالين ولم يتيسر دفعهما معا دفع أيهما شاء، ولو صال أحدهما على صبي باللواط، والآخر على امرأة بالزنا ففيه احتمالان لبعض المتأخرين، أحدهما يبدأ بصاحب الزنا للاجماع على وجوب الحد فيه، والثاني بصاحب اللواط، إذ ليس إلى حله سبيل. وقال بعضهم: يبدأ بأيهما شاء وهو أوجه لعدم الأولوية. (فإن قتله) أي المصول عليه الصائل دفعا (فلا ضمان) بقصاص ولا دية ولا
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548