مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٩٩
وإن كن مستترات. والشرط الثاني ما تضمنه قوله (قيل: و) بشرط (إنذار) بمعجمة (قبل رميه) على قياس الدفع بالأهون فالأهون، والأصح عدم اشتراطه للحديث المار، إذ لم يذكر فيه الانذار. قال الإمام: ومجال التردد في الكلام الذي هو موعظة وتخجيل قد يفيد وقد لا يفيد. فأما ما يوثق بكونه دافعا من تخويف وزعقة مزعجة فلا يجوز أن يكون في وجوب البداءة خلاف. قال الرافعي: وهذا حسن اه‍. وهو ظاهر. فإن قيل تصحيح عدم وجوب الانذار مخالف لما ذكروه من أنه لو دخل شخص داره أو خيمته بغير إذنه فإن له دفعه، وإن أتى الدفع على نفسه لم يضمنه، لكن لا يجوز قبل إنذاره على الأصح. قال الرافعي: كسائر أنواع الدفع. أجيب بأن رمي المتطلع منصوص عليه كقطع اليد في السرقة، ودفع الداخل مجتهد فيه فلزم سلوك ما يمكن، وبهذا يفرق بين ما ذكروه وما مر في تخليص اليد من عاضها من حيث أنه (ص) لما أهدر ثنية العاض بنزع المعضوض يده من فيه لم يفصل بين وجود الانذار وعدمه. ولو قتل شخص آخر في داره وقال: إنما قتلته دفعا عن نفسي أو مالي وأنكر الولي فعليه البينة بأنه قتله دفعا، ويكفي قولها دخل داره شاهر السلاح، ولا يكفي قولها دخل بسلاح من غير شهر إلا إن كان معروفا بالفساد، أو بينه وبين القتيل عداوة فيكفي ذلك للقرينة كما قاله الزركشي، ولا يتعين ضرب رجليه وإن كان الدخول بهما لأنه دخل بجميع بدنه فلا يتعين قصد عضو بعينه. ولو أخذ المتاع وخرج فله أن يتبعه ويقاتله إلى أن يطرحه، ولا يجوز دخول بيت شخص إلا بإذنه مالكا كان أو مستأجرا أو مستعيرا، فإن كان أجنبيا، أو قريبا غير محرم فلا بد من إذن صريح سواء أكان الباب مغلقا أم لا، وإن كان محرما فإن كان ساكنا مع صاحبه فيه لم يلزم الاستئذان ، ولكن عليه أن يشعره بدخوله بتنحنح أو شدة وطئ أو نحو ذلك ليستتر العريان، فإن لم يكن ساكنا فإن كان الباب مغلقا لم يدخل إلا بإذن، وإن كان مفتوحا فوجهان: والأوجه الاستئذان.
فروع: لو صال عبد مغصوب أو مستعار على المالك فقتله دفعا لم يبرأ كل من الغاصب والمستعير من الضمان إذ لا أثر بقتله دفعا، ولو قطع يد صائل دفعا وولي فتبعه فقتله قتل به، لأنه حين ولي عنه لم يكن له أن يقتله ولا شئ له في اليد، لأن النفس لا تنقص بنقص اليد، ولهذا لو قتل من له يدان من ليس له إلا يد قتل به ولا شئ عليه، ولو أمكنه الهرب من فحل صائل عليه ولم يهرب فقتله دفعا ضمن بناء على وجوب الهرب عليه إذا صال عليه إنسان. وفي حل أكل لحم الفحل الصائل الذي تلف بالدفع إن أصيب مذبحه وجهان: وجه منع الحل أنه لم يقصد الذبح والاكل والراجح كما قال الزركشي الحل كما دل عليه كلام الرافعي في الصيد والذبائح. (ولو عزر ولي) محجوره (ووال) من رفع زوجته إليه (وزوج) فيما يتعلق به من نشوز وغيره (ومعلم) صغيرا يتعلم منه ولو بإذن وليه (فمضمون) تعزيرهم.
فإذا حصل به هلاك، فإن كان بضرب يقتل غالبا فالقصاص على غير الأصل وإلا فدية شبه العمد على العاقلة لأنه مشروط بسلامة العاقبة، إذ المقصود التأديب لا الهلاك، فإذا حصل به هلاك تبين أنه جاوز الحد المشروع. فإن قيل: لو ضرب الدابة المستأجرة أو الرائض لتعلم الرياضة الضرب المعتاد فهلكت فإنه لا ضمان فهلا كان هنا كذلك؟
أجيب بأن الدابة لا يستغنى عن ضربها، وقد يستغنى عن ضرب الآدمي بالقول والزجر فضمنه.
تنبيه: دخل في تعبيره ما لا مدخل له في الهلاك كتوبيخ غير الحامل والحبس والنفي والصفعة الخفيفة لذكره قبل ذلك أن التعزير يكون بالحبس والصفع والتوبيخ، ثم أطلق التعزير هنا مع أن هذا ليس بمضمون قطعا. واقتصار المصنف على هذه الأربعة يخرج السيد في تعزير عبده فإنه غير مضمون، إذ لا يجب له شئ على نفسه، وكذا لو أذن السيد لغيره في ضرب مملوكه فضربه فمات فإنه لا ضمان كما نقلاه عن البغوي وأقراه. واستثنى البلقيني من الضمان ما إذا اعترف بما يقتضي التعزير وطلب بنفسه من الوالي تعزيره فعزره فإنه لا يضمنه لأنه ينبغي كما قال ابن شهبة: أن يقيد بما إذا عين له نوع التعزير وقدره. والزركشي: الحاكم إذا عزر الممتنع من الحق المتعين عليه مع القدرة على أدائه، وتسمية ضرب الولي والزوج والمعلم تعزيرا هو أشهر الاصطلاحين كما ذكره الرافعي. قال: ومنهم من يخص لفظ التعزير
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548