مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٢٠
الأجنبي لا يعمل، ولا أن تحسب لأحدهما الإصابة بإصابتين، ولا أن يحط من إصابته شئ لأن هذه المعاملة مبنية على التساوي، ولو سأل أحدهما وضع المال الملتزم عند عدل والآخر تركه عندهما، وهو عين أجيب، وإلا فلا وإن اختار كل منهما عدلا اختار الحاكم عدلا قطعا للنزاع. وهل يتعين أحد العدلين أو لا؟. وجهان: أوجههما كما قال شيخنا الثاني، ولا أجرة للعدل وإن جرت بها عادة كما في الخياط والغسال. وإن اختلفا في مكان المحلل لزم توسطه، فإن تنازع المتسابقان في اليمين واليسار أقرع بينهما، ويمنع أحدهما من أذية صاحبه بالتبجح والفخر عليه ولا يجوز شرط حمل أحدهما في يده من النبل أكثر مما في يد الآخر، ولكل منهما حث الفرس في السباق بالسوط وتحريك اللجام، ولا يجلب عليه بالصياح ليزيد عدوه، لخبر: لا جلب ولا جنب. قال الرافعي: وذكر في معنى الجنب أنهم كانوا يجنبون الفرس حتى إذا قاربوا الأمد تحولوا عن المركوب الذي كره بالركوب إلى الجنيبة فنهوا عنه.
كتاب الايمان بفتح الهمزة جمع يمين. وأصلها في اللغة اليد اليمين، وأطلقت على الحلف لأنهم كانوا إذا تحالفوا يأخذ كل واحد منهم بيمين صاحبه، وسمي العضو باليمين لوفور قوته. قال تعالى * (لاخذنا منه باليمين) * أي: بالقوة. ولما كان الحلف يقوي الحنث على الوجود أو العدم سمي يمينا، وقيل لأنها تحفظ الشئ على الحالف كما تحفظه اليد. وفي الاصطلاح تحقيق أمر غير ثابت ماضيا كان أو مستقبلا نفيا أو إثباتا ممكنا كحلفه ليدخلن الدار، أو ممتنعا كحلفه ليقتلن الميت، صادقة كانت أو كاذبة مع العلم بالحال أو الجهل به، وخرج بالتحقيق لغو اليمين فليست يمينا كما سيأتي، وبغير ثابت الثابت كقوله: والله لأموتن أو لا أصعد السماء، لتحققه في نفسه فلا معنى لتحقيقه، ولأنه لا يتصور فيه الحنث، وفارق انعقادها بما لا يتصور فيه البر كحلفه ليقتلن الميت بأن امتناع الحنث لا يخل بتعظيم اسم الله تعالى وامتناع البر يخل به فيحوج إلى التفكير ويكون أيضا للتأكيد والأصل في الباب قبل الاجماع آيات كقوله تعالى * (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) * الآية، وقوله: * (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) * وأخبار منها: أنه (ص) كان يحلف: لا ومقلب القلوب رواه البخاري، وقوله والله لأغزون قريشا - ثلاث مرات - ثم قال في الثالثة: إن شاء الله رواه أبو داود واليمين والقسم والايلاء والحلف ألفاظ مترادفة.
تنبيه: أهمل المصنف ضابط الحالف استغناء بما سبق منه في الطلاق والايلاء، وهو غير كاف والأضبط أن يقال:
مكلف مختار قاصد فلا تنعقد يمين الصبي والمجنون ولا المكره ولا يمين اللغو. ثم شرع فيما تنعقد اليمين به، فقال: ( لا تنعقد إلا بذات الله تعالى أو صفة له) بأن يحلف بما مفهومه الذات أو الصفة، فالذات (كقوله والله) يجر أو نصب أو رفع سواء تعمد ذلك أم لا والصفة كقوله: (ورب العالمين) أي مالك المخلوقات، لأن كل مخلوق علامة على وجود خالقه (والحي الذي لا يموت، ومن نفسي بيده) أي بقدرته يصرفها كيف يشاء (وكل اسم مختص به سبحانه وتعالى) غير ما ذكر كالإله ومالك يوم الدين والذي أعبده أو أسجد له، لأن الايمان معقودة بمن عظمت حرمته ولزمت طاعته، وإطلاق هذا مختص بالله تعالى فلا تتعد بالمخلوقات كوحق النبي وجبريل والملائكة والكعبة، وفي الصحيحين: إن الله نهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت والحلف بذلك مكروه، وما روى الحاكم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي (ص) قال من حلف بغير الله فقد كفر وروي فقد أشرك حمل على من اعتقد فيما حلف به من التعظيم ما يعتقده في الله تعالى (ولا يقبل قوله) في هذا القسم
(٣٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548