مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٤٠
لحاجة في أمر مباح، فهو جائز إن رجا الوفاء من جهة ظاهرة أو سبب ظاهر، والظاهر أنه لا مطالبة حينئذ، والرجاء في الله تعالى تعويض خصمه.
تنبيهات: الأول: لو عبر المصنف بالخروج من ظلامة آدمي بدل الرد لكان أولى، ليشمل الرد والابراء منها وإقباض البدل عند التلف، ويشمل المال والعرض والقصاص، فلا بد في القصاص وحد القذف من التمكين أو طلب العفو، فإن لم يعلم وجب إعلامه بالقصاص فيقول: أنا الذي قتلت أباك ولزمني القصاص فاقتص إن شئت، وكذلك حد القذف. وأما الغيبة فإن بلغت المغتاب اشترط أن يأتيه ويستحل منه، فإن تعذر بموته أو تعسر لغيبته الطويلة استغفر الله تعالى. ولا اعتبار بتحليل الورثة، وإن لم تبلغه كفى الندم والاستغفار كما قاله الحناطي في فتاويه، ويظهر أنها إذا بلغته بعد ذلك أنه لا بد من استحلاله إن أمكن، لأن العلة موجودة وهو الايذاء. وهل يكفي الاستحلال من الغيبة المجهولة؟ قال في زيادة الروضة: فيه وجهان سبقا في كتاب الصلح اه‍. ولكنهما إنما سبقا في كتاب الضمان ولم نرجح منهما شيئا ورجح في الأذكار عدم الاكتفاء. والوجهان كالوجهين في الابراء من المجهول، قال الشيخ عماد الدين الحسباني: وقد يقال بالمسامحة في ذلك بخلاف الأموال، وفي كلام الحليمي وغيره الاقتصار على الجواز، وحديث كلام الأذكار في باب الضمان، ولكن الفرق بينهما وبين الأموال أظهر. والحسد وهو أن يتمنى زوال نعمة ذلك الشخص ويفرح بمصيبته كالغيبة كما نقلاه عن العبادي فيأتي فيه ما مر فيها، قال في زيادة الروضة: المختار، بل الصواب، أنه لا يجب إخبار المحسود ولو قيل بكراهته لم يبعد. التنبيه الثاني: قضية إطلاقه رد الظلامة توقف التوبة في القصاص على تسليم نفسه، ولكن الذي نقله في زيادة الروضة عن الإمام وأقره إن القاتل إذا ندم صحت توبته في حق الله تعالى قبل أن يسلم نفسه للقصاص، وكان تأخر ذلك معصية أخرى تجب التوبة منها ولا يقدح في الأولى. التنبيه الثالث: كان ينبغي له أن يقول حيث أمكن لئلا يوهم أنها لا تصح عند تعذر الرد، قال الزركشي: فينبغي أن يكون قوله: إن تعلقت بآدمي أعم مما تمحض حقا له أو لم يتمحض وفيه حق الله تعالى، كالزكاة إذا تمكن من إخراجها فلم يفعل وكذا الكفارات، قاله البندنيجي، والمراد التي يجب إخراجها على الفور وحينئذ فلا يقال إن تقييده بالآدمي يخرج حقوق الله تعالى كالزكاة. التنبيه الرابع: أن مقتضى كلامه أن المعصية القولية لا يشترط فيها ذلك بل يكفي القول، وليس مرادا بل الثلاثة الأول ركن في التوبة لكل معصية قولية كانت أو فعلية. وإذا تعلق بالمعصية حد لله تعالى كالزنا وشرب المسكر فإن لم يظهر عليه أحد فله أن يظهره ويقربه ليستوفي منه، وله أن يستر على نفسه وهو الأفضل، فإن ظهر فقد فات الستر فيأتي الحاكم ويقربه ليستوفي منه. التنبيه الخامس: أن كلامهم يقتضي أنه لا يكفي في انتفاء المعصية استيفاء الحد، بل لا بد معه من التوبة، وقد قدمت الكلام على ذلك في أول كتاب الجراح فليراجع. التنبيه السادس: من مات وله ديون أو مظالم ولم تتصل إلى الورثة طالب بها في الآخرة لا آخر وارث كما قيل، وإن دفعها إلى الوارث أو أبرأه كما قاله القاضي خرج عن مظلمة غير المطل. التنبيه السابع: تجب التوبة من المعصية ولو صغيرة على الفور بالاتفاق، وتصح من ذنب دون ذنب، وإن تكررت وتكرر العود لا تبطل به، بل هو مطالب بالذنب الثاني دون الأول ولا يجب عليه تجديد التوبة كلما ذكر الذنب كما رجحه ابن المقري. التنبيه الثامن: أن من شروط التوبة زيادة على ما مر كونها لله تعالى، فلو تاب عن معصية مالية لفقره أو شحه أو نحو ذلك لم تصح توبته، وكونها قبل وصوله إلى الغرغرة أو الاضطرار بظهور الآيات كطلوع الشمس من مغربها، قاله البلقيني. التنبيه التاسع: أن سقوط الذنب بالتوبة مظنون لا مقطوع به. وسقوط الكفر بالاسلام مع الندم مقطوع به وتائب بالاجماع. قال في أصل الروضة: وليس إسلام الكافر توبة من كفره، وإن توبته ندمه على كفره، ولا يتصور إيمانه بلا ندم فيجب مقارنة الايمان للندم على الكفر اه‍. وإنما كان توبة الكافر مقطوعا بها لأن الايمان لا يجامع الكفر والمعصية قد تجامع التوبة.
فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال وتعدد الشهود وما لا يعتبر فيه ذلك مع ما يتعلق بهما: (لا يحكم بشاهد)
(٤٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548