مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٢٣
الشاهدين، فإن حلف مع شاهد القتل فالدية على العاقلة أو مع شاهد الاقرار فعلى الجاني، وإن ادعى عليه عمدا فشهد أحدهما بإقراره بقتل عمد، والآخر بإقراره بقتل مطلق، أو شهد أحدهما بقتل عمد، والآخر بقتل مطلق ثبت أصل القتل لاتفاقهما عليه حتى لا يقبل من المدعى عليه إنكاره وطولب بالبيان لصفة القتل، فإن امتنع منه جعل ناكلا وحلف المدعي يمين الرد أنه قتل عمدا واقتص منه، وإن بين فقال: قتلته عمدا اقتص منه أو عفا على مال أو قتل خطأ فللمدعي تحليفه على نفي العمدية إن كذبه، فإذا حلف لزمه دية خطأ بإقراره، فإن نكل عن اليمين حلف المدعي واقتص منه، ولو شهد رجل على آخر أنه قتل زيدا وآخر أنه قتل عمرا أقسم ولياهما لحصول اللوث في حقهما جميعا.
كتاب البغاة جمع باغ، والبغي الظلم ومجاوزة الحد، سموا بذلك لظلمهم، وعدولهم عن الحق كما يقال: بغت المرأة إذا فجرت، وافتتحه في المحرر بقوله تعالى: * (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا) * الآية، وليس فيها ذكر الخروج على الإمام، لكنها تشمل لعمومها أو تقتضيه لأنه إذا طلب القتال لبغي طائفة على طائفة للبغي على الإمام أولى، والاجماع منعقد على قتالهم. قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: أخذت السيرة في قتال المشركين من النبي (ص) وفي قتال المرتدين من أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وفي قتال البغاة من علي رضي الله تعالى عنه، وقد عرف المصنف رضي الله تعالى عنه البغاة بقوله: (هم) مسلمون (مخالفو الإمام) ولو جائرا وهم عادلون كما قاله القفال، وحكاه ابن القشيري عن معظم الأصحاب وما في الشرح والروضة من التقييد بالإمام العادل، وكذا هو في الام والمختصر مرادهم إمام أهل العدل فلا ينافي ذلك، ويدل لذلك قول المصنف في شرح مسلم إن الخروج على الأئمة وقتالهم حرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين، لكن نوزع في الاجماع بخروج الحسين على يزيد بن معاوية وابن الزبير على عبد الملك بن مروان، ومع كل منهما خلق كثير من السلف، وقد يقال إن مراده الاجماع بعد ذلك، وفرق بعضهم بين من تغلب على الإمامة فيجوز الخروج عليه إذا جار وبغى، وبين من عقدت له الإمامة فلا يجوز. وتحصل مخالفة الإمام بأحد أمرين: إما (بخروج عليه) نفسه (و) إما بسبب (ترك الانقياد) له (أو) لا بهذين الامرين بل بخروج عن طاعته بسبب (منع حق) مالي لله تعالى أو لآدمي أو غيره كقصاص أو حد (توجه عليهم) لأن الصديق رضي الله تعالى عنه قاتل مانعي الزكاة لمنعهم الزكاة ولم يخرجوا عليه، وإنما منعوا الحق المتوجه عليهم، وإنما يكون مخالفو الإمام بغاة (بشرط شوكة لهم) بكثرة أو قوة ولو بحصن بحيث يمكن معها مقاومة الإمام فيحتاج في ردهم إلى الطاعة لكلفة من بذل مال وتحصيل رجال (و) بشرط (تأويل) يعتقدون به جواز الخروج عليه أو منع الحق المتوجه عليهم، لأن من خالف من غير تأويل كان معاندا للحق.
تنبيه: يشترط في التأويل أن يكون فاسدا لا يقطع بفساده بل يعتقدون به جواز الخروج كتأويل الخارجين من أهل الجمل وصفين على علي رضي الله تعالى عنه بأنه يعرف قتلة عثمان رضي الله عنه ويقدر عليهم ولا يقتص منهم لمواطأته إياهم، وتأويل بعض مانعي الزكاة من أبي بكر رضي الله تعالى عنهم بأنهم لا يدفعون الزكاة إلا لمن صلاته سكن لهم وهو النبي صلى الله عليه وسلم. (و) بشرط (مطاع فيهم) أي متبوع يحصل به قوة لشوكتهم. وإن لم يكن إماما منصوبا فيهم يصدرون عن رأيه، إذ لا قوة لمن لا يجمع كلمتهم مطاع وهذا نقله الرافعي عن الإمام، وظاهر كلامه أن المطاع شرط لحصول الشوكة، لا أنه شرط آخر غير الشوكة كما يقتضيه تعبير الكتاب، ولهذا لم يذكر في المحرر غير
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548