مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٩
اندمالا ممكنا) قبل موته (أو) زعم (سببا) آخر للموت عينه كقوله: قتل نفسه أو قتله آخر (فالأصح) المنصوص (تصديق الولي) بيمينه لأن الأصل عدم السراية، ولموافقته الظاهر فتجب ديتان. والثاني تصديق الجاني بيمينه لاحتمال السراية فتجب دية واحدة، واحترز بممكن عما لا يمكن لقصر زمنه كقوله: اندمل الجرح بعد يوم أو يومين فيصدق الجاني في قوله بلا يمين كما صرح به الرافعي، أما إذا لم يعين الولي السبب فينظر إن أمكن الاندمال صدق الولي بيمينه أنه مات بسبب آخر، وإن لم يمكن الاندمال صدق الجاني أنه مات بالسراية أو بقتله. قال ابن المقري: بيمينه وهو كما قال شيخنا ظاهر في دعوى قتله، أما في دعوى السراية فيصدق بلا يمين كنظيره في المسألة السابقة. ولو قال الولي للجاني:
أنت قتلته بعد الاندمال فعليك ثلاث ديات، وقال الجاني: بل قبل الاندمال فعلي دية، وأمكن الاندمال حلف كل منهما على ما ادعاه وسقطت الثالثة بحلف الجاني، فحلفه أفاد سقوطها وحلف الولي أفاد دفع النقص عن ديتين فلا يوجب زيادة، فإن لم يمكن الاندمال حلف الجاني عملا بالظاهر (وكذا لو قطع يده) ومات (وزعم) الجاني (سببا) آخر للموت غير القطع كشرب سم موح وهو بضم الميم وفتح الواو وتشديد الحاء المهملة الذي يقتل في الحال حتى لا يلزمه إلا نصف دية (و) زعم (الولي سراية) من قطع الجاني فعليه كل الدية، فإن الأصح تصديق الولي بيمينه سواء أعين الجاني السبب أم أبهمه، لأن الأصل عدم وجود سبب آخر، وقدم هذا الأصل على أصل براءة الذمة لتحقق الجناية، فإن قيل: قياس ما تقدم في المسألة قبلها من تصحيح تصديق الولي أنه مات بسبب آخر بشرطه السابق تصديق الجاني هنا لأن الأصل عدم وجود سبب آخر. أجيب بأنا إنما صدقنا الولي ثم مع ما ذكر لأن الجاني قد اشتغلت ذمته ظاهرا بديتين ولم يتحقق وجود المسقط لإحداهما وهو السراية فكانت الإحالة على السبب الذي ادعاه الولي أقوى، إذ دعواه قد اعتضدت بالأصل وهو شغل ذمة الجاني، وإن عاد الجاني بعد قطع يده فقتله وادعى أنه قتله قبل الاندمال حتى تلزمه دية وادعى الولي أنه قتله بعده حتى يلزمه دية ونصف صدق الجاني بيمينه، لأن الأصل عدم الاندمال، ولو تنازع الولي وقاطع اليدين أو اليد في مضي زمن إمكان الاندمال صدق منكر الامكان بيمينه، لأن الأصل عدمه، ولو قطع شخص أصبع آخر فداوى جرحه ثم سقطت الكف، فقال المجروح تأكل من الجرح، وقال الجاني من الدواء صدق المجروح بيمينه عملا بالظاهر إلا إن قال أهل الخبرة إن هذا الدواء يأكل اللحم الحي والميت فيصدق الجارح بيمينه.
(ولو أوضحه موضحتين ورفع الحاجز) بينهما والجميع عمد أو بشبهة أو خطأ (وزعمه) أي الرفع (قبل اندماله) أي الايضاح حتى يجب أرش واحد، وزعم الجريح أن الرفع بعد الاندمال حتى يجب أرش ثلاث موضحات (صدق) الجاني بيمينه (إن أمكن) عدم الاندمال بأن قصر الزمان لأن الظاهر معه (وإلا) بأن لم يمكن عدم الاندمال بأن طال الزمان (حلف الجريح) أنه بعد الاندمال (وثبت) له (أرشان) للموضحتين الأولى والثانية عملا بالظاهر في الحالين (قيل و) أرش (ثالث) لرفع الحاجز بعد الاندمال مال لأنه ثبت رفع الحاجز باعترافه وثبت الاندمال بيمين المجني عليه فحصلت وضحة ثالثة، وأجاب الأول بأن حلفه دافع للنقص عن أرشين فلا يوجب أرشا آخر.
تتمة: لو قال المجني عليه: أنا رفعت الحاجز أو رفعه آخر، وقال الجاني: بل أنا رفعته أو رفع بالسراية، صدق المجني عليه بيمينه لأن الموضحتين موجبتان أرشين، فالظاهر ثبوتهما واستمرارهما، وإن قال الجاني: لم أوضح إلا واحدة، وقال المجني عليه: بل أوضحت موضحتين وأنا رفعت الحاجز بينهما، صدق الجاني بيمينه لأن الأصل براءة الذمة ولم يوجد ما يقتضي وجوب الزيادة.
فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه (الصحيح) المنصوص (ثبوته) أي القصاص في النفس ابتداء لا تلقيا من القتيل (لكل وارث) خاص من ذوي الفروض والعصبة، أي يرثه جميع الورثة لا كل فرد فرد من الورثة
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548