مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥٠
إسقاط القود واستيفائه كرشيد، وعنهما احترز بقوله (في الدية) فهو فيها (كمفلس) أي كمحجور فلس بل أولى منه، لأن الحجر عليه لحق نفسه لا لغيره، وحينئذ فلا تجب الدية في صورتي عفوه. قال في الروضة: وبه قطع الجمهور.
(وقيل) المبذر (كصبي) فلا يصح عفوه عن المال بحال وهذا ما قطع به القفال ويشهد له ما نقله الشيخان في السير عن الإمام وأقراه أنه لا يصح إعراض المحجور عليه بسفه عن الغنيمة بخلاف المفلس، أما من بذر بعد رشده ولم يحجر عليه ثانيا فتصرفه نافذ على المذهب كالرشيد، ولو كان السفيه هو القاتل فصالح عن القصاص بأكثر من الدية نفذ ولا حجر للولي فيه كما هو قضية كلام الرافعي في الجزية، قال: ولو كان المستحق لا يعفو إلا بزيادة ولم يجب السفيه وأجاب الولي.
قال الإمام: اتبع رأي من يرغب في الحقن.
فرع: عفو المكاتب عن الدية تبرع فلا يصح بغير إذن سيده، وبإذنه فيه القولان (ولو تصالحا) أي الولي والجاني (عن القود على) أكثر من الدية كالصلح على (مائتي بغير لغا) هذا الصلح (إن أوجبنا أحدهما) لا بعينه لأنه زيادة على الواجب نازل منزلة الصلح من مائة على مائتين (وإلا) بأن أوجبنا القود عينا والدية بدل عنه (فالأصح الصحة) لأنه مال يتعلق باختيار المستحق والتزام الجاني فلا معنى لتقديره كبدل الخلع. والثاني المنع لأن الدية خلفه فلا يزاد عليها.
تنبيه: محل هذا الخلاف كما قاله في المطلب أن يقع الصلح على إبل بالصفة الواجبة في جناية العمد، فإن كانت بغير صفتها إما معينة أو في الذمة فينبغي الجزم فيها بالصحة على القولين معا، لأن الرافعي جزم في آخر الباب فيما إذا صالح عن القصاص على ثوب أو عبد بالجواز، وظاهره جواز ذلك ولو زادت على الدية وجرى عليه في المهمات، ولو تصالحا على أقل من الدية صح بلا خلاف كما قاله القاضي. (ولو قال) حر مكلف (رشيد) أو سفيه لآخر (اقطعني) أي يدي مثلا (ففعل فهدر) لا قصاص فيه ولا دية للاذن فيه.
تنبيه: اعترض على المصنف من وجهين: أحدهما أنه يقتضي أن السفيه ليس كذلك مع أنه كالرشيد. الثاني أنه يقتضي إن أذن الرقيق يسقط المال لأنه رشيد مع أن إذنه لا يسقطه، وفي سقوط القصاص بإذنه وجهان مرت الإشارة إليهما مع ترجيح البلقيني السقوط، فلو عبر بما قدرته في كلامه لسلم من الاعتراضين، وعبارة المحرر والشرحين والروضة:
المالك لامره والمراد به الحر الكامل سواء أكان محجورا عليه أم لا ليخرج العبد والصبي والمجنون، هذا إن وقف القطع (فإن سرى) للنفس (أو قال) له ابتداء (اقتلني) فقتله (فهدر) في الأظهر للاذن (وفي قول تجب دية) الخلاف مبني على أن الدية ثبتت للميت ابتداء في آخر جزء من حياته ثم يتلقاها الوارث، أو ثبتت للوارث ابتداء عقب هلاك المقتول، إن قلنا بالأول وهو الأصح لم تجب، وإلا وجبت.
تنبيه: أطلق وجوب الدية، وظاهره أنه على هذا القول تجب دية كاملة في الصورتين، وهو ظاهر في صورة اقتلني. وأما في صورة القطع فالواجب نصف الدية لأنه الحادث بالسراية قاله ابن الرفعة، وقوله فهدر ليس على عمومه فإن الكفارة تجب على الأصح لحق الله تعالى، والاذن لا يؤثر فيها (ولو قطع) - بضم أوله - عضو من شخص يجب فيه قود (فعفا) المقطوع (عن قوده وأرشه، فإن لم يسر) القطع بأن اندمل (فلا شئ) من قصاص أو أرش لاسقاطه الحق بعد ثبوته.
تنبيه: تصوير المصنف هذه المسألة بما إذا عفا عن مجموع الامرين للاحتراز عما في الروضة من أنه لو قال:
عفوت عن هذه الجناية ولم يزد كان عفوا عن القود على النص أي وفي الأرش الخلاف المار، واحترز بقوله: ولو قطع عما إذا كانت الجناية بجرح لا يوجب القصاص كالجائفة فعفا المجني عليه عن القصاص فيها ثم سرت الجناية إلى
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548