مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥٤
جهة السن. تنبيه: قد يفهم كلامه اختصاص ذلك بدية النفس وليس مرادا بل بثلث المقدر في العمد في غير النفس كالطرف نص عليه في الام والمختصر واتفق الأصحاب عليه، والخلفة بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام وبالفاء ولا جمع لها من لفظها عند الجمهور، بل من معناها وهو مخض كامرأة ونساء. وقال الجوهري: جمعها خلف بكسر اللام، وابن سيده خلفات (ومخمسة في الخطأ: عشرون بنت مخاض، وكذا بنات لبون، وبنو لبون، وحقاق، وجذاع) لخبر الترمذي وغيره بذلك.
تنبيه: كلام المصنف يوهم إجزاء عشرين حقا وعشرين جذعا ولا قائل به، فإن الحقاق وإن أطلقت على الذكور والإناث، فإن الجذاع مختصة بالذكور، وجمع الجذعة جذعات، قاله الأذرعي وغيره، وهذه مخففة من ثلاثة أوجه:
كونها على العاقلة، ومؤجلة، ومن جهة التخميس. ويغلظ الخطأ في ثلاثة أشياء: أولها ما ذكره بقوله (فإن قتل خطأ في حرم مكة) فإنها تثلث فيه لأن له تأثيرا في الامن بدليل إيجاب جزاء الصيد المقتول فيه سواء أكان القاتل والمقتول فيه، أم أصيب المقتول فيه ورمي من خارجه، أم قطع السهم في مروره هواه الحرم وهما بالحل، أو كان بعض القاتل أو المقتول في الحل وبعضه في الحرم كما هو قضية الالحاق بالصيد كما قاله البلقيني. نعم الكافر لا تغلظ ديته في الحرم كما قاله المتولي، لأنه ممنوع من دخوله، فلو دخله لضرورة اقتضته فهل تغلظ به أو يقال هذا نادر؟ الأوجه الثاني وخرج بالحرم الاحرام، لأن حرمته عارضة غير مستمرة، وبمكة حرم المدينة بناء على منع الجزاء بقتل صيده وهو الأصح. وثانيها ما ذكره بقوله (أو) قتل في (الأشهر الحرم: ذي القعدة) بفتح القاف (وذي الحجة) بكسر الحاء على المشهور فيهما، وسميا بذلك لقعودهم عن القتال في الأول، ولوقوع الحج في الثاني (والمحرم) بتشديد الراء المفتوحة، سمي بذلك لتحريم القتال فيه. وقيل لتحريم الجنة فيه على إبليس، حكاه صاحب المستعذب ودخلته اللام دون غيره من الشهور لأنه أولها فعرفوه كأنه قيل: هذا الشهر الذي يكون ابتداء أول السنة (ورجب) ويجمع على أراجب ورجائب ورجوب ورجبات، ويقال له الأصم والأصب، وفي روضة الفقهاء: لم يعذب الله أمة في شهر رجب ورد عليه بأن الله تعالى أغرق قوم نوح فيه كما قاله الثعلبي فمثلثة دية هذا المقتول، وهذا الترتيب الذي ذكره المصنف في عدد الأشهر الحرم، وجعلها من سنتين هو الصواب كما قاله المصنف في شرح مسلم، وعدها الكوفيون من سنة واحدة فقالوا: المحرم، ورجب، وذو القعدة، وذو الحجة، قال ابن دحية: وتظهر فائدة الخلاف فيما إذا نذر صيامها أي مرتبة، فعلى الأول يبدأ بذي القعدة، وعلى الثاني بالمحرم، وينبغي أنه لو رمى في الشهر الحرام وأصاب في غيره أو عكسه، أو جرحه فيها ومات في غيرها أو عكسه أن تغلظ الدية كما تقدم في الحرم وغيره كما يؤخذ ذلك من كلام ابن المقري في إرشاده. وثالثها ما ذكره بقوله (أو) قتل شخص قريبا له (محرما ذا رحم) كالأم والأخت، وجواب الشرط السابق وما عطف عليه قوله: (فمثلثة) أي دية المقتول في هذه الثلاثة أشياء كما تقرر، لأن العبادلة وغيرهم من الصحابة رضي الله تعالى عنهم غلظوا في هذه الأشياء الثلاثة وإن اختلفوا في كيفية التغليظ. ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة رضي الله تعالى عنهم فكان إجماعا، وهذا لا يدرك بالاجتهاد بل بالتوقيف من النبي (ص)، واحترز بقوله:
محرما ذا رحم عن صورتين: إحداهما ما إذا انفردت المحرمية عن الرحم كما في المصاهرة والرضاع فلا يغلظ بها القتل قطعا. ثانيتها أن تنفرد الرحمية عن المحرمية كأولاد الأعمام والأخوال فلا تغلظ فيهم على الأصح عند الشيخين لما بينهما من التفاوت في القرابة، ورجح البلقيني الاكتفاء بذي الرحم وإن لم يكن محرما.
تنبيه: يرد عليه ما لو قتل ابن عم هو أخ من الرضاع، أو بنت عم هي أم زوجته، فإنه لا تغليظ فيه، مع أنه رحم محرم، لأن المحرمية ليست من الرحم فكان الأولى له تقييد المحرمية بذلك، ويدخل التغليظ والتخفيف في دية المرأة والذمي ونحوه ممن له عصمة، وقطع الطرف، وفي دية الجرح بالنسبة لدية النفس. ولا يدخل قيمة العبد تغليظ ولا تخفيف
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548