مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥٢
المباشرة: كما لو قطع يده ثم قتله فالقصاص مستحق فيهما أصالة، فلو عفا عن النفس لم يسقط قصاص الطرف وبالعكس.
أما إذا كان مستحق النفس غير مستحق الطرف كأن قطعت يد رقيق ثم عتق ثم مات بسراية فقصاص النفس لورثة العتيق، وقصاص اليد للسيد ولا شك حينئذ أن عفو أحدهما لا يسقط حق الآخر (ولو قطعه) الولي (ثم عفا عن النفس مجانا) أو بعوض (فإن سرى القطع) إلى النفس (بان بطلان العفو) ووقعت السراية قصاصا، لأن السبب وجد قبل العفو وترتب عليه مقتضاه فلم يؤثر فيه العفو. فإن قيل: فما فائدة بطلان العفو؟ أجيب بأن فائدته أنه لو عفا على مال لم يلزم، وحينئذ فقوله: مجانا ليس بقيد كما علم مما قدرته (وإلا) بأن لم يسر قطع الولي بل وقف (فيصح) عفوه، لأنه أثر في سقوط القصاص ويستقر العوض المعفو عليه، إذ لم يستوف بالقطع تمام الدية، ولا يلزم الولي بقطع اليد شئ، لأنه حين فعله كان مستحقا بحملته التي المقطوع بعضها فهو مستوف لبعض حقه، وعفوه منصب على ما وراء ذلك، وكذا الحكم فيما لو قتله بغير القطع وقطع الولي يده متعديا ثم عفا عنه، لأنه قطع عضو من مباح له دمه فكان كما لو قطع يد مرتد.
تنبيه: لا يخفى أن قوله: ولو قطعه إلخ من تمام حكم قوله: ومن له قصاص النفس بسراية طرف فإنه تارة يعفو وتارة يقطع. فذكر الأول ثم الثاني (ولو وكل) الولي غيره في استيفاء القصاص (ثم عفا) عن القصاص (فاقتص الوكيل جاهلا) بذلك (فلا قصاص عليه) لعذره، بخلاف من قتل من عهده مرتدا فبان مسلما حيث يجب عليه القصاص، لأن القاتل هناك مقصر بخلاف الوكيل (والأظهر وجوب دية) لأنه بان أنه قتله بغير حق. والثاني لا تجب لأنه عفا بعد خروج الامر من يده فوقع لغوا (و) على الأول الأظهر، وعبر في الروضة بالأصح (أنها عليه) أي الوكيل حالة مغلظة لورثة الجاني لا للموكل كما لو قتله غيره، ولسقوط حق الموكل قبل القتل لا على عاقلته لأنه عامد في فعله وإنما سقط عنه القصاص لشبهة الاذن والثاني عليهم لأنه فعله معتقدا إباحته (والأصح) المنصوص في الام (أنه) أي الوكيل (لا يرجع بها) أي الدية (على العافي) أمكن الموكل إعلام الوكيل بالعفو أم لا، لأنه محسن بالعفو و * (ما على المحسنين من سبيل) *.
والثاني يرجع إذا غرم لأنه غره، ورجحه البلقيني حيث نسب الموكل إلى تقصير بأن أمكنه إعلامه ولم يعلمه لأن الوكيل لم ينتفع بشئ، بخلاف الزوج المغرور لا يرجع بالمهر على من غره لانتفاعه بالوطئ. أما الكفارة فتجب على الوكيل على القولين، واحترز بقوله: جاهلا عما إذا علم بالعفو فعليه القصاص قطعا.
تنبيه: لو قال الوكيل: قتلته بشهوة نفسي لا من جهة الموكل لزمه القصاص وانتقل حق الموكل إلى التركة كما نقلاه عن فتاوى البغوي وأقراه، وإن قال القفال في فتاويه بعدم وجوبه، ولو عزل الموكل الوكيل ثم اقتص الوكيل بعد عزله جرى فيه التفصيل المذكور. (ولو وجب) لرجل (قصاص عليها) أي امرأة (فنكحها عليه) أي القصاص عليه بأن جعله صداقا لها (جاز) أي صح النكاح والصداق. أما النكاح فواضح، وأما المهر فلانه عرض مقصود، وقيل لا يصح ويجب لها مهر مثل (وسقط) القصاص لتضمن ذلك العفو، لأنها ملكت قصاص نفسها (فإن فارق‍) ها (قبل الوطئ رجع) عليها (بنصف الأرش) لتلك الجناية، لأنه بدل ما وقع العقد به كما لو أصدقها تعليم سورة فعلمها ثم طلقها قبل الدخول فإنه يرجع بنصف أجرة التعليم (وفي قول) نص عليه في الام يرجع عليها (بنصف مهر مثل) بناء على القول الثاني، واحترز بقوله وجب قصاص عما إذا أوجبت الجناية مالا كالخطأ فنكحها على الأرش فإن
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548