مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤١١
ما لو شافهه بسماع البينة فقط فلا يقضي بها إذا عاد إلى محل ولايته جزما كما قاله الإمام والغزالي. ولا يتخرج على القضاء بالعلم، وهو قضية كلام الرافعي هنا، والفرق أن قوله في محل ولايته حكمت بكذا يحصل للسامع به علم بالحكم، لأنه صالح للانشاء في تخريجه على القضاء بالعلم، بخلاف سماع الشهادة، فإن الاخبار به لا يحصل علما بوقوعه فتعين أن يسلك به مسلك الشهادة فاختص سماعها بمحل الولاية. (ولو ناداه) وهما كائنان (في طرفي ولايتهما) أي قال قاضي بلد الحاضر وهو في طرف ولايته لقاضي بلد الغائب في طرف ولايته: حكمت بكذا على فلان الذي ببلدك، (أمضاه) أي نفذه لأنه أبلغ من الشهادة والكتابة في الاعتماد عليه. وكذا لو كان في البلد قاضيان وقال أحدهما للآخر: إني حكمت بكذا، فإنه يمضيه إذا أخبره به نائبه في البلد وعكسه. (وإن اقتصر) القاضي الكاتب (على سماع بينة) بلا حكم، (كتب) بها إلى بلد الغائب فيقول في كتابه له: (سمعت بينة على فلان) ابن فلان ويصفه بما يميزه به بكذا وكذا ليتولى المكتوب إليه الحكم عليه. (ويسميها القاضي) الكاتب حتما ويرفع في نسبها (إن لم يعدلها) ليبحث المكتوب إليه عن عدالتها وغيرها حتى يحكم بها، (وإلا) بأن عدلها (فالأصح جواز ترك التسمية) للبينة، ويأخذ القاضي المكتوب إليه اكتفاء بتعديل القاضي الكاتب لها من غير إعادة تعديلها كما قال الرافعي إنه القياس، وصوبه المصنف، كما يستغنى عن تسمية الشهود. والثاني: المنع، لأن الآخر إنما يقضي بقولهم.
تنبيه: لو أقام الخصم بينة بجرح الشهود قدمت على بينة التعديل وللمدعى عليه الاستمهال ثلاثة أيام ليقيم بينة الجرح، وكذا لو قال أبرأني أو قضيت الحق واستمهل لقيام البينة، فلو قال: أمهلوني حتى أذهب إلى بلدهم وأجرحهم فإني لا أتمكن من جرحهم إلا هناك، أو قال: لي بينة هناك دافعة، لم يمهل، بل يؤخذ الحق منه، فإن أثبت جرحا أو دفعا استرد. وجميع ما سبق حيث الحجة شاهدان، فإذا كانت شاهدا ويمينا أو يمينا مردودة وجب بيانها، فقد لا يكون ذلك حجة عند المنهي إليه. (والكتاب) أو الانهاء بدونه (بالحكم يمضي مع قرب المسافة) وبعدها كما في المحرر وغيره لفهمه بطريق الأولى. (و) الكتاب (بسماع البينة) فقط (لا يقبل على الصحيح إلا في مسافة قبول شهادة على شهادة) وهي كما سيأتي ما فوق مسافة العدوي المعتبرة بأنها التي يرجع منها المبكر لموضعه ليلا لا المعتبرة بمسافة القصر على الصحيح. والثاني: يقبل مع قرب المسافة أيضا. وفارق على الأول الانهاء بالحكم لأن الحكم قد تم ولم يبق إلا الاستيفاء بخلاف سماع الحجة، إذ يسهل اختصارها مع القرب والعبرة في المسافة بما بين القاضيين، لا بما بين القاضي المنهي والغريم.
فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها وسماع البينة والحكم بها: إذا (ادعى) عند قاض (عينا غائبة عن البلد) سواء أكانت في محل ولايته أم لا، (يؤمن اشتباهها) بغيرها (كعقار وعبد وفرس معروفات) بالشهرة.
تنبيه: لو عبر كالمحرر والروضة بمعروفين بتغليب العاقل على غيره كان أولى، ولكنه غلب غير العاقل الأكثر على العاقل الأقل. وجواب الشرط المقدر قوله: (سمع) القاضي (ببينته وحكم بها وكتب) بذلك (إلى قاضي بلد المال ليسلمه) أي المدعى به، (للمدعي) بعد ثبوت ذلك عنده كما في نظيره من الدعوى على الغائب. ولا فرق في مسائل الفصل بين حضور المدعى عليه وغيبته، وإنما أدخله المصنف في الباب نظرا لغيبة المحكوم به، ولا بين كون المدعى به في محل ولاية القاضي أو خارجا عنها كما أن قضاءه ينفذ على الخارج عن محل ولايته إذا قامت البينة بنسبه
(٤١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548